https://www.facebook.com/nasr.sami.397/

vendredi 12 mars 2021

سوسيولوجيا ادارة الازمات



 مقتطفات من مداخلة سبق وأن تم تقديمها حول

"سوسيولوجيا الأزمات: الحالة التونسية نموذجا"

د.سامي نصر

دكتور في علم الاجتماع

تقديم عام

   أهم مفهوم للأزمة وهو المفهوم الصيني إذ يستعمل الصينيون عبارة wet-gi ، حيث تعني كلمة wet "الفرصة" السانحة وكلمة gi تعني "الخطر".

ويرى الصينيون أن "براعة القيادة تكمن في تصوّر إمكانية تحويل الأزمات وما تحمله من مخاطر إلى فرص لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة".

(2) الوضع الاجتماعي العام بالبلاد:

يعيش المجتمع التونسي اليوم وضعا استثنائيا ويمر بمرحلة في غاية من الحساسية، إذ أكدت العديد من الدراسات في علم الاجتماع السياسي للمجتمعات التي عاشت رجة اجتماعية قوية مثل الثورة أو الانتفاضة الكبيرة ظهور افرازات اجتماعية تظهر في شكل أمراض اجتماعية جديدة أو تفاقم لأمراض كانت موجودة من قبل.

 لذلك لا يمكن تناول قضية الأزمات وإدارة الأزمات دون فهم الوضع الاجتماعي العام بالبلاد، ومن بين الامراض الاجتماعية التي لها علاقة مباشرة بموضوع هذا الملتقى نذكر:

 أزمة الثقة، والتشكيك، والريبة من كل شيء = الكل يخوّن الكل، الكل يشكك في الكل.          نعيش اليوم أزمة ثقة بامتياز.

 الإحساس باليأس والإحباط نتيجة عدم التوازن بين الطموحات والانتظارات من جهة وبين مرارة الواقع وصعوباته.         يؤثر سلبا على خلق وتغذية الأزمات

 المراوحة بين الانغماس الكلي أو العزوف الكلي عن الشأن العام، 

 ثقافة المقاس، كل طرف يريد أن يكون الطرف المقابل على مقاسه 

 ظاهرة التذمر من كل شيء / "التنبير"= أزمة نفسية اجتماعية 

         كل ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على إدارة الأزمات 

المحور الأوّل: قراءة سوسيولوجية عامة للأزمات:

الأزمات ظاهرة ترافق سائر الأمم والشعوب في مختلف مراحلها الإيجابية منها والسلبية، مثلا مواجهة المستعمر خلقت أزمة حادة على كل المستويات وفي نفس الوقت خلقت تونس المستقلة.

-أ- مفهوم الأزمة:

أول نشوء لمفهوم الأزمة كان في نطاق العلوم الطبية بحيث يرجع إلى المصطلح اليوناني (كرنيو) أي نقطة تحول... ثم انتقل بعد ذلك إلى العلوم الانسانية وخاصة علم السياسة وعلم النفس ثم الاقتصاد والاجتماع.

الأزمة في علم إدارة الأزمات هي حدث قد يكون مفاجئا وغير متوقع كما يمكن أن يكون متوقعا، يؤدي إلى صعوبة التعامل معه ومن ثم ضرورة البحث عن وسائل وطرق لإدارة الموقف بشكل يقلل آثاره ونتائجه السلبية وايضا هي حالة مؤقتة من الاضطراب واختلال التنظيم تتميز بقصور الفرد في مواجهتها باستخدام طرق حل المشكلات.

ادارة الأزمات= الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث.

-ب- الفرق بين الأزمة والمفاهيم المشابهة والحاضرة بقوة في تونس اليوم: (06)

يلاحظ أن مصطلح " أزمة" يستعمل كثيرا من طرف الباحثين ووسائل الإعلام في غير موضعه، كما يتم الخلط عادة بينها وبين مصطلحات مشابهة، نذكر منها:


(1) الحادث 

الحادث هو حالة فجائية غير متوقعة تحدث بصورة سريعة وتنتهي هذه الحالة فور انقضاء الحادث، بمعنى أنها لا تتسم بالاستمرارية. وتختفي آثاره مع اختفاء نتائج وتداعيات الحدث. لذلك، فإن الأزمة قد تكون ناجمة عن حادث، وتكون أحد نتائجه، لكنها مع ذلك ليست الحادث نفسه.

(2) المشكلة 

هي حالة من التوتر وعدم الرضا، الناجمين عن بعض الصعوبات، التي تعوق تحقيق الأهداف. وتتضح معالم المشكلة في حالة عدم تحقيق النتائج المطلوبة؛ ولذلك، تكون هي السبب الأساسي لحدوث حالة غير مرغوب فيها؛ بل قد تصبح تمهيداً لأزمة إذا اتخذت مسارا معقدا، يصعب من خلاله توقّع النتائج بدقة. 

(3) الصدمة 

شعور مفاجئ حاد، ناتج عن حادث غير متوقّع؛ وهو يجمع بين الغضب والذهول والخوف. إذن الصدمة هي أحد الأعراض الأساسية الناجمة عن وقوع الأزمة، وهي تحدث عندما تنفجر الأزمة بصورة فجائية سريعة دون إنذار أو تمهيد.

(4) الكارثة

الكارثة هي من أكثر المفاهيم التصاقا بالأزمات، وقد ينجم عنها أزمة، ولكنها لا تكون هي أزمة بحد ذاتها، وتعبر الكارثة عن حالة مدمرة حدثت فعلا ونجم عنها ضرر في الأرواح أو الماديات أو كليهما. 

وقد تكون الكارثة سبباً رئيسيا في إحداث الأزمات. وعموما يمكن أن نلخص أهم الفروقات بين مفهومي الأزمة والكارثة على النحو التالي:

• الأزمة أعم وأشمل من الكارثة، فكلمة الأزمة تعني الصغيرة منها والكبيرة، المحلية والخارجية، أما الكارثة فمدلولها ينحصر في الحوادث ذات الدمار الشامل والخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات؛

• في الأزمات نحاول اتخاذ قرارات لحل تلك الأزمات، وربما ننجح وربما نخفق، أما في الكارثة فإن الجهد غالبا ما يكون بعد وقوع الكارثة وينحصر في التعامل معها.

(5) الصراع    

ينشأ الصراع بسبب تعارض الأهداف والمصالح، سواء بين الأشخاص، وبين الكيانات التنظيمية والاجتماعية المختلفة، فكثير من الأزمات يكون جوهرها صراع بين طرفين وتنجم الأزمات عن التعارض والتناقض بين هذين الطرفين، لكن الفرق الجوهرى بين الصراع والأزمة أن الصراع لا يكون بنفس تأثير ونفس شدة الأزمة، من جانب آخر يكون الصراع أكثر وضوحاً من حيث أهدافه واتجاهاته وأبعاده وأطرافه، بينما تكون هذه العناصر غير محددة وغير معروفة بوضوح في الأزمة،

(6) الخلاف

وهو يدل على وجود حالة من التضاد والتعارض والمعارضة، وحالة من عدم التطابق في الشكل أو في المضمون. والخلاف يكون في أوقات كثيرة أحد الأسباب الرئيسية للأزمة، أو وجها من وجوه التعبير عنها أو باعثا على نشوئها واستمرارها، ولكنه ليس الأزمة في حد ذاتها. 


المحور الثاني: أنواع وأشكال الأزمات التي نعيشها اليوم: هناك خمسة (05) أشكال من الأزمات تعيشها تونس اليوم هي:

أوّلا، أزمات مفتعلة: وهي أزمات يحركها فاعلون مثل:

 خصوم سياسيين لإبراز فشل من هم في الحكم/ خلق الأزمات أصبحت ضمن قوانين اللعبة السياسية، إذ يمكن اعتبارها شكلا تصعيديا لسياسة الشيطنة والشيطنة المضادة.

 متمعشون من الأزمات (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية...)، وهي فئة يتوقف وجدودها على وجود واستمرار الأزمات تعيش وتتغذى من الأزمات، وتتجسّد بشكل أساسي في المتحكمين في المجال اللاشكلي (حسب تعبير عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كروزيه) أو حسب التعبير التونسي "المجال الموازي".

 قوى خارجية تكمن مصالحها في خلق الأزمات وتغذيتها...

ثانيا، أزمات تلقائية: وهي عبارة عن نتيجة حتمية تعيشها المجتمعات التي تحدث فيها ثورات أو انتفاضات شعبية كبيرة، فالعديد من الدراسات السوسيولوجية أكدت حتمية ظهور وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية... التي تعرفها المجتمعات، حيث تجسدت بشكل واضح لدى دوركهايم في تكتابه “الانتحار”، ثم هالبواش في دراسته للأزمة البولانجية (Boulangiste) .

وبالرجوع للوضع التونسي من الضروري الإشارة إلى الدور السلبي الذي لعبته النخب الفكرية والسياسية التي كانت شعبوية أكثر من اللازم فعوض اضطلاعها بقيادة المجتمع وتهيئته نفسانيا واجتماعيّا لتقبّل كل تلك الأزمات التي ترافق كل الثورات تجاهلت كل ذلك وانغمست في العمل السياسي وقبلت لعب الدور الرئيسي في تصفية الحسابات السياسية وتحقيق المصالح الضيّقة لبعض المتنفذين من رجال الأعمال. كما ساهمت بشكل كبير الحملات الانتخابية لجل الأحزاب السياسية إن لم نقل كلّها في تغذية حالة الفشل والإحباط التي يعيشها المواطن التونسي والنقمة على الذات التي تحوّلت إلى “آخر” منفصلة عن الفاعل الاجتماعي، وحالة اليأس من غد أفضل... حيث جعلت الوعود الانتخابية المواطن التونسي يعيش في عالم من الأحلام الوهمية سرعان ما استفاق من حلمه ليصطدم بواقع مرير فقد فيه قدرته على تحمّل الضغوطات والإكراهات الاجتماعية، واقع انعدم فيه التوافق بين متطلّبات الحياة اليومية وما هو ممكن توفيره...

ثالثا، أزمات نتاج لأزمات سابقة: وتبرز كنتيجة لـــــــ:

خطأ في التقدير، 

سوء التصرف،

تجاهل مشاكل وأحداث والتي تنمو وتتطوّر لتصبح أزمة بأتم معنى الكلمة،

نتاج لأزمة اتصالية وانعدام الثقة بين المرسل والمتقبّل.

رابعا، أزمات وهمية (في المخيال الجمعي فقط)... وهي عادة ما تكون نتاج لأمراض نفسية اجتماعية سرعان ما تتحوّل إلى أزمات حقيقية إذا لم يتم أخذها بعين الاعتبار...

خامسا، أزمات تخلقها الإشاعات: تلعب الإشاعات دورا رئيسيا في خلق الأزمات وتغذيتها خاصة عندما ترافقها جملة من الأخطاء الاتصالية .......

 تصنّف الإشاعات في علم اجتماع الإشاعة إلى صنفين:

      (أ) الإشاعات المفتعلة:

← هناك جهة معينة تقف وراء خلق ونشر الإشاعة،

← هناك أجندة معينة يراد تحقيقها من وراء خلق ونشر الإشاعة. 

(ب) الإشاعات التلقائية: تتحمل مسؤوليتها المؤسسات وتكون نتاج خلل في كيفية تعاملها مع المعلومات،  إذ تقوم مثلا نظرية بودريس درهمان في علم اجتماع الإشاعة على المعادلة التالية:

 R = i x a

R= quantité de rumeurs كمية الإشاعة

i = importance  درجة أهمية الخبر أو المعلومة

a = ambiguities  درجة الغموض

فبقدر ما تبادر المؤسسة بنشر الخبر أو المعلومة في الوقت المناسب وبالطريقة الجيدة بقدر ما تنجح في غلق باب الإشاعة وتجنب التأويلات، والعكس بالعكس،


المحور الثالث: قراءة سوسيولوجية لمختلف أشكال التفاعل مع الأزمات:

هناك نوعان من أساليب حل الأزمات بطرق تقليدية، والثاني حلها بالطرق غير التقليدية:

-أ- الطرق التقليدية: واهم هذه الطرق: (07)

(1) انكار الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم اعلامي على الأزمة وانكار حدوثها, واظهار صلابة الموقف وان الأحوال على احسن ما يرام وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة عليها. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الأنظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود أي خلل. وأفضل مثال لها انكار التعرض للوباء او اي مرض صحي... 

(2) كبت الأزمة: وتعني تأجيل ظهور الأزمة، وهو نوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها.

(3) اخماد الأزمة:  وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع قوى التيار الازموي بغض النظر عن المشاعر والقيم الإنسانية. خاصة في الأزمات المفتعلة

(4) بخس الأزمة: أي التقليل من شأن الأزمة (من تأثيرها ونتائجها). وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة ولكن باعتبارها أزمة غير هامة← تحتاج لآلية اتصالية قوية

(5) تنفيس الأزمة: حيث يتم اللجوء إلى تنفيس الضغوط للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار← وهي آلية كثيرا ما كان يعتمدها الرئيس الحبيب بورقيبة

(6) تفريغ الأزمة: وحسب هذه الطريقة يتم ايجاد مسارات بديلة ومتعددة امام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة لتيار الأزمة ليتحول إلى مسارات عديدة وبديلة تستوعب جهده وتقلل من خطورته. ← تم اعتمادها أخيرا في كارثة الموت الجماعي للرضع ("الكرذونة" نقص في الإطارات....)

 (7) عزل قوى الأزمة: يقوم مدير الأزمات برصد وتحديد القوى الصانعة للأزمة وعزلها عن مسار الأزمة وعن مؤيديها وذلك من أجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها. ← آلية الشيطنة وزعزعة الثقة

-ب- الطرق غير التقليدية (10)

وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته وأهم هذه الطرق ما يلي: 

(1) طريقة فرق العمل: وهي من أكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الأمر وجود أكثر من خبير ومتخصص في مجالات. وهذه الطرق إما أن تكون طرق مؤقتة أو تكون طرق عمل دائمة من الكوادر المتخصصة التي يتم تشكيلها، وتهيئتها لمواجهة الأزمات وأوقات الطوارئ.

المفهوم الياباني المعالجة اليابانية للأزمات تقوم على أساس أن الأشخاص القريبين للازمة هم الأقدر على حلها أو توفير الحل المناسب لها، وعليه نرى معظم الشركات اليابانية ونظام الدولة يتجه نحو اللامركزية في عملية اتخاذ القرارات، كما أنها تفضل استخدام الاجتماعات كوسيلة لحل الأزمات، ويطلق على هذا النوع من الاجتماعات بحلقات الجودة، والتي تعتبر بدورها واحدة من المهام المستخدمة في تحديد الأزمات والمشاكل وكيفية تحليلها.

(2) طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات: حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الأزمات فيتم تكوين احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه إذا حصلت الأزمة. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في المنظمات الصناعية عند حدوث أزمة في المواد الخام أو نقص في السيولة. ← في الإضرابات مثلا تشغيل الجيش أو النواب...

(3) طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات: وهي أكثر الطرق تأثيرا وتستخدم عندما تتعلق الأزمة بالأفراد أو يكون محورها عنصر بشري.وتعني هذه الطريقة الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي.

(4) طريقة الاحتواء: أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود ومن الأمثلة على ذلك الأزمات العمالية حيث يتم استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك الأزمات،.

(5) طريقة تصعيد الأزمة: وتستخدم عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الأزمة فيعمد المتعامل مع الموقف، إلى تصعيد الأزمة لفك هذا التكتل وتقليل ضغط الأزمة.

(6) طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها: وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسيا اواجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها، ومهمة المدير هي افقاد الأزمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الأزموية ومن طرقها الشائعة هي:

 التحالفات المؤقتة

 الاعتراف الجزئي بالأزمة ثم إنكارها.

 تزعم الضغط الأزموي ثم توجيهه بعيدا عن الهدف الأصلي.

(7) طريقة تفتيت الأزمات: وهي الأفضل إذا كانت الأزمات شديدة وخطرة وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع جوانب الأزمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات الأزمة وتحديد اطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة لأعضاء هذه التحالفات ومن ثم ضربها من خلال ايجاد زعامات مفتعلة وايجاد مكاسب لهذه الاتجاهات متعارضة مع استمرار التحالفات الأزموية. وهكذا تتحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة.

(8) طريقة تدمير الأزمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل: وهي من أصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع الأزمات ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة) أو الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات وهذا مكمن خطورتها وتستخدم في حالة التيقن من عدم وجود البديل ويتم التعامل مع هذه الأزمة على النحو التالي:

 ضرب الأزمة بشدة من جوانبها الضعيفة.

 استقطاب بعض عناصر التحريك والدفع للأزمة

 تصفية العناصر القائدة للأزمة

 ايجاد قادة جدد أكثر تفهما

(9) طريقة الوفرة الوهمية: وهي تستخدم الأسلوب النفسي للتغطية على الأزمة كما في حالات، فقدان المواد التموينية حيث يراعي متخذ القرار توفر هذه المواد للسيطرة على الأزمة ولو مؤقتا. = (أزمة الحليب، البيض...)

(10) احتواء وتحويل مسار الأزمة: وتستخدم مع الأزمات بالغة العنف والتي لا يمكن وقف تصاعدها وهنا يتم تحويل الأزمة إلى مسارات بديلة ويتم احتواء الأزمة عن طريق استيعاب نتائجها والرضوخ لها والاعتراف بأسبابها ثم التغلب عليها ومعالجة افرازاتها ونتائجها، بالشكل الذي يؤدي إلى التقليل من اخطارها.

المحور الرابع: الثقافات والأزمات من يؤثر على من؟

من أخطر ما تميّز به الوضع العام المغذي للأزمات وللثقافات والعقليات المرتبطة بها نتحدث عن الشيطنة والشيطنة المضادة، إذ أفرزت ثورة 17 ديسمبر أو 14 جانفي بروز حرب بين قوتين ساهم كل منهما في تدمير معنويات الشعب التونسي (نعبّر عنها بالمنظومة القديمة والمنظومة الجديدة):

 قوى الثورة قوى التغيير:

 تقديم صورة سوداوية للماضي، 

 التركيز فقط على السلبيات،

 خلق الروح العدوانية والانتقامية تجاه كل من ساهم أو انخرط أو استفاد أو حظي بمكانة في المنظومة القديمة... 

 قوى المحافظة على المنظومة القديمة

 تقديم صورة سوداوية لمن ساهم في الثورة أو دعمها،

 محاولة طمس أو الاستخفاف بمكاسب الثورة،

 التركيز الكلي على جوانب الفشل في مرحلة ما بعد الثورة وتضخيمها،

 توظيف لإحصائيات وطنية وأجنبية لإبراز فشل المرحلة،

 بعث روح تشاؤمية للمستقبل،

 محاولة خلق وبعث روح الحنين للماضي وتزيينه...


الأزمات والمفاهيم القريبة منها تتحكم فيها عموما قوتين:

 قوى الدفع: مغذيات، مثل

 ثقافة اليأس

 ثقافة الإحباط

 ثقافة الألم

 ثقافة التشكي والتباكي... 

 ثقافة الاستعجال والآنية (تو تو)، الحقيقة التي تعمدت النخب السياسية والفكرية الحدث عنها وعدم مصارحة الشعب التونسي هي أن كل الثورات لا يجني ثمارها الجيل الذي قام بالثورة بل الأجيال القادمة هي التي تجني الثمار،

 قوى جذب: هي عبارة عن مناعة ضد الأزمات والمفاهيم القريبة منها نذكر منها:

 ثقافة الأمل

 الثقة بالنفس

 الحلم بغد أفضل

الخاتمة: توصيات ومقترحات

هناك خمس مراحل لنظام إدارة الأزمات، هي:

أولا، اكتشاف إشارات الإنذار: وتعني تشخيص المؤشرات والأعراض التي تنبئ بوقوع أزمة ما.

 ثانيا، الاستعداد والوقاية: وتعني التحضيرات المسبقة للتعامل مع الأزمة المتوقعة، بقصد منع وقوعها أو الحد من آثارها. ← هنا تتنزل مقول رئيس الحكومة "هناك قرارات موجعة" ولكن لم ترافقها توضيحا لتلك القرارات أو عملية توعوية وتحسيسية في الغرض.

ثالثا، احتواء الأضرار: وتعني تنفيذ ما مخطط له في مرحلة الاستعداد والوقاية والحيلولة دون تفاقم الأزمة وانتشارها.

رابعا، استعادة النشاط: وهي العمليات التي يقوم بها الجهاز التنفيذي لغرض استعادة توازنه ومقدرته على ممارسة أعماله الاعتيادية، كما كان من قبل.

خامسا، الإفادة أو التعلم: ويعني بلورة ووضع الضوابط لمنع تكرار مثل هذه الأزمة، وبناء خبرات من الدروس والتجربة لضمان مستوى عالٍ من الجاهزية في المستقبل. كما لابد من الإفادة من تجارب المنظمات والدول الأخرى التي مرت بأزمات والوسائل التي استخدمتها.


خمس مجموعات من الأسئلة يجب طرحها والاجابة عنها

ماذا نفعل عندما نواجه أزمة؟ علينا ان نسأل أنفسنا مع كل أزمة عددا من الأسئلة مثل:

 متى: متى حدثت الأزمة؟ متى علمنا بها؟ متى تطورت أبعادها ؟!

من: من سبب الأزمة؟ من المستفيد منها؟ من المتضرر منها؟ من المؤيد لها؟ من المعارض لها؟ من المساند؟ من الذي يوقفها؟ …الخ

كيف: كيف بدأت الأزمة؟ كيف تطورت؟ كيف علمنا بها؟ كيف تتوقف؟ كيف نتعامل معها؟

لماذا: لماذا ظهرت الأزمة؟ لماذا استفحلت؟ لماذا لم تتوقف؟ لماذا نحاربها ولا نتركها لحالها؟

 أين: أين مركز الأزمة؟ إلى أين ستمضي؟ أين مكمن الخطر؟ إلى أين يتجه الخطر؟

 

هذه الأسئلة تحتاج الى إجابات ومن خلال هذه الإجابات نضع السيناريو المناسب للتعامل مع الأزمة.

توصيات هامة

 إنشاء وحدات خاصة بإدارة الأزمات تقوم برصد وقياس إدارة أزمة؛ حتى يتسنى حسن إدارتها وفقاً لنتائج القياس.

 إصدار قرار بضرورة تعاون مؤسسات الدولة مع الباحثين وتسهيل مهمتهم البحثية وتذليل الصعوبات أمامهم وتوفير المعلومات اللازمة لهم؛ حتى يخرج البحث العلمي بنتائج دقيقة. 

 القيام بدورات تدريبية وسقل مهارات القائمين بالاتصال في إدارات العلاقات العامة والأزمات، وتوفير الإمكانات المادية والفنية والتقنية.

 عمل بروتوكولات تعاون بين المؤسسات العربية المتخصصة في إدارة الأزمات ، والتعاون العربي في مجال الإعلام والاتصال في فترة الأزمات، 

 إنشاء آلية وطنية تكون من مسؤولياتها الإنذار المبكر والتخطيط والتنسيق والتنبؤ والتكامل والمتابعة ورفع الوعى ومتابعة التقدم العالمي لتكنولوجيا التنبؤ.

 مراقبة الإعلام الإلكتروني بكل أدواته من صحافة إلكترونية، مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يبثه هذا النوع من الإعلام

Sami Nasr sociologue 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التطبيع مع المرفوض بين الوهم والحقيقة

  التطبيع مع المرفوض مقولة وهمية لا يمكن للشعوب التطبيع مع ما ترفضه مهما كانت قوة المرفوض ومهما كانت درجة ضعف الرافض... كثيرا ما يفسر السكوت...