إذا كان الخبراء واهل الاختصاص هم
الحل فأين المشكل إذن؟
الد. سامي نصر
باحث في علم الاجتماع
لا أحد ينكر الكفاءات الوطنية التي تزخر بها البلاد وفي مختلف الاختصاصات، ولا
احد ينكر الدور الذي يمكن ان يقوموا به في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد ومن
هذا المنطلق يمكن اعتبارهم جزء من الحل، وفي المقابل ساهم العديد من الخبراء واهل الاختصاص في خلق او تغذية الازمات التي نعيشها
اليوم عبر حضورهم الإعلامي خاصة مع بروز:
ظاهرة
الخبراء على المقاس،
او الانخراط في اجندات بعض وسائل الإعلام وبعض القوى
السياسية،
او عبر اعتماد
ثقافة "البوز" والإثارة،
او توظيف
اختصاصه لتحقيق منافع شخصية دون الاخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد والعباد...
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن ان يكون
الخبراء واهل الاختصاص جزء من الحل وليس جزء من المشكل؟؟؟
الـأزمة الرئيسيّة التي نعاني منها اليوم ولها علاقة
مباشرة بكل الظواهر الاجتماعية وبكل الازمات التي تمر بها البلاد هي ازمة القيم،
ومع الأسف أصابت هذه الأزمة كل مكونات المجتمع بما في ذلك النخب والخبراء واهل الاختصاص..
لذلك ما نحتاجه اليوم هو وجود ميثاق شرف او مدونة سلوك للخبراء واهل الاختصاص عند
حضورهم في المنابر الإعلامية تسهر على صياغته ومتابعته الهيئات العلمية الرسمية،
وكمرحلة أولية على كل الخبراء واهل الاختصاص قبل حضوره في المنابر الإعلامية استحضار
النموذج الإعلامي الاتصالي يتماشى مع
الرسالة الاتصالية التي يجب استهدافها على غرار النموذج الذي وضعه عالم
الاجتماع الأمريكي هارولد لازويل Harold Lasswell ، أو النموذج المعدل لنموذج لازويل والذي قام به روبرت اسكاربيت في سنة
1976.
قبل الحديث عن نموذج الخبراء واهل الاختصاص
نشير إلى أن وسائل الإعلام مثّلت أحد المواضيع الأساسيّة التي تناولها علماء الاجتماع،
وخاصة في الأربعينات من القرن الماضي. ونقصد بذلك "سوسيولوجيا وسائل الاتصال
الجماهيري"، كفرع من فروع علم الاجتماع قائم على نموذج وضعه عالم الاجتماع
الأمريكي هارولد لازويل Harold Lasswell، وينبني هذا النموذج على قائمة من
خمسة تساؤلات وهي:
من؟ Who
يقول ماذا؟ Says What
بأي وسيلة؟ In Wich channel
لمن؟ To Whom
وما هو التأثير With What effect
حيث نلاحظ من خلال هذه التساؤلات الخمسة أن لازويل حاول من خلالها الإحاطة بكل
ما يمكن أن تتضمّنه الرسالة الإعلامية.
ثم في سنة 1976 حاول روبرت اسكاربيت إعادة صياغة نموذج لازويل من خلال اختزاله
في أربعة أسئلة ركّز فيها بشكل أساسي على المتقبّل وهي:
من؟
يستقبل ماذا؟
في أي جماعة؟
بغية أي تأثير؟
وما تجدر ملاحظته في هذا السياق هو أن كل النماذج العلميّة
والسوسيولوجيّة سوى أكان نموذج لازويل أو نموذج اسكريبت أو نموذج عالمة الاجتماع
الفرنسيّة آن مارى لولان A.M. Laulan ركّزت على محتوى الرسالة
الإعلاميّة أو التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لها على الجمهور
المتقبّل للرسالة، سوى على مستوى الممارسات اليوميّة أو الرأي العام. ونظرا لخطورة
تأثيرات وسائل الإعلام على الرأي العام...
أما بالنسبة لنموذج الخبراء
واهل الاختصاص فيمكن اختزاله في
الإجابة عن الأسئلة التالية:
لماذا؟ وهذا السؤال بدوره يستبطن جملة من الأسئلة الأخرى لها علاقة
بـــ"لماذا" مثل لماذا تم استدعائي (انتظارات الجهة التي توجهت الاستدعاء)؟
ولماذا تم اختياري أنا بالذات دون غيري من أهل الاختصاص؟ ولماذا قبلت الحضور (الهدف
والرسالة التي نود تبليغها)؟
ماهي وسيلة الإعلام التي سأحضر فيها (والبرنامج)؟ معرفة خصوصية وسيلة الإعلام
وخصوصية البرنامج يلعب دورا رئيسيا في الرسالة الاتصالية للخبراء وأهل الاختصاص
من هو الجمهور المستهدف؟
التقيّد بهذا النموذج أو غيره من النماذج يجنب الخبراء وأهل الاختصاص الوقوع
في العديد من المنزلقات مثل ترذيل الكفاءات، التوظيف السلبي من قبل بعض وسائل الإعلام
أو المنشطين، الشعبوية والتملّق، تضخيم الذات وتجاهل الرسالة العلمية المناطة على
عهدتهم...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire