https://www.facebook.com/nasr.sami.397/

lundi 15 novembre 2021

"سوسيولوجيا العنف والجريمة: الواقع والحلول"

 

"سوسيولوجيا العنف والجريمة: الواقع والحلول"



سامي نصر

دكتور في علم الاجتماع

شكّلت الجريمة في السنوات الأخيرة إحدى أهم الهواجس التي تسيطر على مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية، وتصدرت أخبار الجرائم طليعة ما تتناوله وسائل الإعلام، فلا يكاد يمر يوم دون أن تطالعنا بوقائع جرائم خطيرة ومثيرة كثيرا ما تتحول إلى مواضيع للنقاش في مختلف الفضاءات الاجتماعية ويعاد نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ففي قراءة أوّلية لما ينشر على الفايس بوك مثلا سجّلنا تصدّر أخبار الجرائم طليعة ما يتم نشره والتفاعل معه، الشيء الذي يجعل القيام بدراسات سوسيولوجية وتحليلية للظواهر الإجرامية ضرورة ملحة... ولكن السؤال الذي نود طرحه هو هل وصلت البلاد إلى مرحلة الخطر الفعلي في عالم الجريمة مما قد يهدد كل أركان المجتمع ومؤسساته وأجهزته أم أن ما يحدث مجرد زوبعة إعلاميةّ؟ وماذا تغيّر في عالم الجريمة بين مرحلة ما قبل الثورة ومرحلة ما بعد الثورة؟

في الجزء الأول من الإجابة عن هذا السؤال نود الإشارة إلى وجود نوعين من المعطيات عند القيام بدراسة مقارنة بين المرحلتين (قبل الثورة وبعد الثورة)، معطيات "مريحة" ومعطيات مخيفة:

 المعطيات "المريحة": فعلى المستوى الكمي والعام لنمو الجريمة لا يمكن أن نسجل خطورة حقيقية بالمعنى الذي نتحدث عنها اليوم، فقبل الثورة كانت نسبة نمو الجريمة في حدود الـ 5% واليوم في حدود الـ 6,8% أي تسجيل نسبة ارتفاع طفيفة، ونشير أيضا أن نسبة نمو الجريمة في تونس يقترب من نسبة النمو العالمي للجريمة (5%) وفق تقارير الأمم المتحدة الأخيرة.

كما قدمت بعض التقارير الدولية الأخيرة حول الجريمة على المستوى العالمي نتائج "مريحة" نوع ما عن الوضع في تونس، فمثلا تضمن تقرير مؤشر السلام العالمي The Global Peace Index لسنة 2015، والذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام، وأجري على 162 دولة في العالم من بينها تونس، واعتمد على 23 مؤشر كمي ونوعي نتائج مريحة عن الوضع الإجرامي في بلادنا، حيث لم يصنف تونس ضمن العشر دول الأولى الأقل إجراما أو العشر الدول الأكثر إجراما. وعلى مستوى ما يسمى بالتكلفة الاقتصادية للعنف والجريمة في العالم العربي والإفريقي لم يسجل التقرير خطورة تستحق الذكر بالنسبة لتونس وفي ما يلي بعض النتائج الإحصائية المسجلة:

·       العراق بلغت التكلفة السنوية 149,6 مليار دولار،

·       مصر بلغت التكلفة السنوية 62 مليار دولار،

·       الجزائر بلغت التكلفة السنوية 45,6 مليار دولار،

·       السودان بلغت التكلفة السنوية 24,7 مليار دولار،

·       اليمن بلغت التكلفة السنوية 9 مليار دولار،

·       تونس بلغت التكلفة السنوية 4 مليار دولار،

أما بالنسبة لقياس نسبة "الإحساس بانتشار الجريمة" حسب التقرير السنوي لـ"مؤشر السلام العالمي" (GPI) فلم يسجل التقرير خطورة تذكر بالنسبة لتونس مقارنة بالدول العربية والإفريقية، حيث تم تقسيمها إلى أربع مجموعات حسب درجة "الإحساس بانتشار الجريمة" وكانت النتائج على النحو التالي:

·       المجموعة الأولى تضم كل من ليبيا والعراق وسوريا،

·       المجموعة الثانية تضم كل من الجزائر والسودان وموريتانيا واليمن،

·       المجموعة الثالثة تضم كل من مصر وتونس والأردن والسعودية،

·       المجموعة الرابعة تضم كل من سلطنة عمان والمغرب وقطر والكويت،

المعطيات المخيفة: المعطيات المريحة المذكورة لا تريح وذلك لعدة أسباب:

أولا، لا تقاس المجتمعات والحكومات بمحافظتها على نسب نمو الظواهر السلبية فيها مثل الجرائم والفساد و... بقدر ما تقاس بتخفيض معدلاتها،

ثانيا، المجتمعات في مرحلة ما بعد الثورات أو الانتفاضات الكبرى تعيش لفترة طويلة وضعية هشّة على مختلف المستويات وتفقد خلالها ما يمكن أن نسميه بـ"الوسائل الدفاعية الاجتماعية" أو ما يسميها دوركايم بالمناعة الاجتماعية وبالتالي إفرازات ومخلفات الظواهر الإجرامية تكون أكثر خطورة من المجتمعات المستقرة،

ثالثا، القراءة الإحصائية الشمولية تخفي حقيقة الوضع الإجرامي في تونس ودرجة خطورته، ففي الوقت الذي حافظت فيه البلاد على نفس نسبة نمو الجريمة في شكلها العام نسجل مؤشرين في غاية من الخطورة:

المؤشر الأوّل الخطير:

 تفاقم ما يمكن أن نسميه في علم الاجتماع الإجرامي بـ"جرائم النقمة والانتقام" والتي ظهرت في ثلاثة أشكال رئيسية وهي:

(1)            جرائم الاعتداء على أملاك الغير وخاصة الملك العمومي

(2)            جرائم الاعتداء على الذات والتي تجلت في:

ü    ارتفاع نسبة الإدمان على المخدرات تكف هنا الإشارة إلى تقرير "وحدة علوم الاجرام" بمركز الدراسات القضائية......

ü    تفاقم ظاهرة مغامرات الموت، أي الهجرة السرية أو ما يسمى بالحرقان

ü    ارتفاع ظاهرة العنف الموجه من الذات وإلى الذات

ü    ارتفاع ظاهرة الانتحار ومحاولات الانتحار...

والخطير في كل ذلك هو أن الفئة الأكثر استهدافا هي الفئات الشبابية

(3)            جرائم الاعتداء على الغير، وهنا نتحدث عن العنف بمختلف أشكاله مثل العنف اللفظي والعنف المعنوي والعنف الجسدي البسيط والعنف الشديد والقتل ومحاولات القتل

المؤشر الثاني الخطير:

تطور في درجة نمو السلوك العنفي، فسلوك الإنسان السوي منه وغير السوي يمر عادة بثلاث مراحل رئيسية هي: "مجرد ممارسات منعزلة" ثم إذا توفرت جملة من المغذيات تتطور إلى  "ظاهرة اجتماعية" ثم مع توفر جملة من الشروط تتطور وتنمو الظاهرة لتصبح "ثقافة" وهي أخطر مرحلة يمكن أن يمر بها السلوك غير السوي ، وأرقى مراحل التطور بالنسبة للسلوك السوي...

وبالنسبة للسلوك العنفي في تونس نلاحظ وبكل أسف أننا تجاوزنا كل المراحل السابقة وعلى أبواب دخول مرحلة "الثقافة العنفية" وهو ما يتطلب نوعية أخرى من المعالجة كما سنرى ذلك لاحقا. وهنا نشير إلى ستة (06) مؤشرات للثقافة العنفية وهي:

1.   انتشار واسع للعنف واقتحامه لكل مؤسسات المجتمع مثل: الأسرة، الشارع، الملاعب، أماكن العمل، المؤسسات التربوية، المستشفيات... وحتى أماكن العبادة.

2.   لم يعد حكرا على فئة معينة بل شمل كل الشرائح الاجتماعية.

3.   تطبيع مع الظاهرة العنفية، أي انعدام ما يسميه دوركايم بالردع الجمعي أو الاشمئزاز والاستنكار الاجتماعي.

4.   تبرير وشرعنة العنف، ففي الكثير من الحالات تم تبرير ممارسات عنفية بالاعتماد على شرعية المطالب.

5.   اللغة العنفية هي اللغة السائدة في المجتمع وهنا نشير إلى اللغة المستعملة في تغطية المقابلات (هجوم، قذف، صد، قذفة صارخية، ركلة...) ولغة الأغاني الشعبية وشبه الشعبية، لغة النخب (نضرب مثال عوض اقدم مثال...) لغة الاسرة (الأم لابنها "يا كلب يا حلوف" الأم على ابنها "ابني تبارك الله عليه "شيطان ازرق"...)، التعبير عن الإعجاب (إمرة جميلة جدا= "قنبلة" في الجمال، "اتفتق"، "سخطة"، "تقتل"، "اتهبّل"...).

6.   استهواء ما هو عنفي، اليوم أصبح ما هو عنفي يتمتّع بقوة جلب عجيبة، أصبحت لغة تسويق marketing يكف هنا الإشارة إلى لعب الأطفال التقليدية والحديثة، الرسائل المتضمنة في الصور المتحركة، الأفلام والمسلسلات، الكاميرا الخفية، الإعلانات الاشهارية... 

أسباب انتشار وتفاقم الظاهرة العنفية أو ثقافة العنف:

هناك أكثر من 13 سبابا رئيسيا لانتشار وتفاقم الظاهرة العنفية أو ثقافة العنف وهي:

1.   غياب أو ضعف القانون الردعي، لكن المعالجة اليوم وفي هذه المرحلة بالذات لا يجب أن تقتصر فقط  على البعد الردعي رغم أهميته،

2.   آلة إنتاج ثقافة العنف أقوى بكثير من آلة محاربته،

3.   ضعف أو غياب مفهوم هيبة السلطة، وهنا نشير إلى سلطة الدولة، سلطة العائلة، سلطة المربي، سلطة المسؤول في العمل، سلطة كبير الحومة... وقعت عملية شيطنة لكل تلك السلط إن لم نقل "تشليكها".

4.   غياب النموذج القدوة أو ما يسميه ماكس فيبر بالنموذج المثال... "كيف يستقيم الظل والغصن أعوج"

5.   الدور السلبي للإعلام، لعب الإعلام التونسي دورا رئيسيا في نشر ثقافة العنف من خلال بعض البرامج الحوارية والدور الذي لعبه المنشط، ما يبث للأطفال (أكدت دراسة قمنا بها في هذا الغرض أن حوالي 80% مما يبث لأطفالنا يتضمن رسائل عنفية، الأشرطة والمسلسلات حوالي 75%، عدم الحرفية في نقل أخبار الجريمة، انعكاسات ثقافة "البوز" والركض وراء الرفع في نسب المشاهدة او المتابعة)

6.   ضعف أو غياب ما يسميه دوركايم بالردع الجمعي أو الاشمئزاز والاستنكار الاجتماعي للعنف.

7.   استبطان العنف وإعادة إنتاجه وهناك نتحدث عن التنشئة الاجتماعية ومفهوم "البرمجة الذهنية" لجاكوب مورينو ومفهوم "الهابيتوس habitus   لبيار بورديو، إذ تحوّل كل فاعل إلى متقبّل ومنتج للسلوك العنفي (الإنتاج وإعادة الإنتاج)،

8.   إفرازات مرحلة ما بعد الثورة، أكدت كل الدراسات في علم الاجتماع السياسي التي درست المجتمعات بعد قيامها بثورة أو انتفاضة كبيرة بروز ظواهر اجتماعية مرضية أو تفاقم لظواهر موجودة، والتي تكون عادة نتيجة التغيرات الفجئية والجذرية التي تعرفها تلك المجتمعات”، و”إحداث تغييرات أو تعديلات في نمط حياته”، مما يحدث “اختلالا في التوازن الاجتماعي للمجتمع”... وكل هذا تعيشه تونس اليوم خاصة وأن ثورة 17 ديسمبر لم تحركها النخب السياسية والفكرية، بل تفجرت في شكل انتفاضة وتحركات احتجاجية للمناطق والفئات الاجتماعية المهمشة، ثم بعد ذلك وظفتها نخب سياسية وجنى ثمارها أصحاب رؤوس الأموال والذين أصبحوا بسرعة البرق يتحكمون ويسيطرون على المشهد السياسي والإعلامي بالبلاد. فمن قام بــ”الثورة” ومن ساندها ومن تمنى مساندتها وجد نفسه اليوم غريبا عن المجتمع الذي يعيش فيه وأصبحت عملية الاندماج الاجتماعي” تكاد تكون مقتصرة على فئات معينة وبشكل وقتيّ... وفي هذا المناخ الاجتماعي برزت على الساحة ظواهر اجتماعية لا تختلف فيما بينها من حيث درجة الخطورة نذكر منها الانتحار، وجرائم القتل وخاصة التي يكون فيها الجاني والضحية من نفس العائلة، مغامرات الموت (الحرقان)، ارتفاع نسبة التونسيين المشاركين في الجرائم الإرهابية داخل وخارج تونس...

9.   نوعية التضامن الاجتماعي، أثبتت العديد من الدراسات والبحوث السوسيولوجية أهمية علاقة التأثير والتأثر  بين نوعية التضامن الاجتماعي من جهة وبين نوعي الحياة الاجتماعية، وخاصة بروز أو اختفاء ظواهر اجتماعية معينة. وبالرجوع إلى ما عاشته بلادنا في السنوات الأخيرة نسجّل أن من بين أروع ما رافق الأيام الأولى للثورة التونسية (ثم سجلناها في الثورة المصرية) هو ما نعبّر عنه بـ”التضامن الاجتماعي التلقائي” بين أفراد المجتمع بمختلف شرائحه، وتجسّد بشكل جلي في اللجان التي تكونت بشكل تلقائي في كل الأحياء (الشعبية منها والراقية) ليحمي بعضهم البعض بوسائل دفاعية أقل ما يقال عنها وسائل بدائية ولكنها تحمل الكثير من الدلالات السوسيولوجية، ولكن سرعان ما بدأ هذا الشكل من التضامن يسير في اتجاه الاضمحلال تزامنا مع بروز الخلافات السياسية والتناحر السياسي في “البلاتووات التلفزية” ومختلف وسائل الإعلام ثم داخل المجلس التأسيسي... وبدأت روح التضامن تفقد معانيها الحقيقية داخل أفراد المجتمع لتأخذ مكانها الانقسامات والتشرذمات... كل هذا ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في “القضاء على مناعتهم القِيَمِيَّة والأخلاقية” و”انكسار معايير الجماعة التي من شانها أن تضبط الحياة الاجتماعية”.

10.                     الدور السلبي للنخب التونسية، من الضروري الإشارة إلى الدور السلبي الذي لعبته النخب الفكرية والسياسية التي كانت شعبوية أكثر من اللازم فعوض اضطلاعها بقيادة المجتمع وتهيئته نفسانيا واجتماعيّا لتقبّل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي ترافق كل الثورات، تجاهلت ذلك وانغمست في العمل السياسي وقبلت لعب الدور الرئيسي في تصفية الحسابات السياسية وتحقيق المصالح الضيّقة لبعض المتنفذين من رجال الأعمال.

11.                     تكريس ثقافة الوهم، كما ساهمت بشكل كبير الحملات الانتخابية لجل الأحزاب السياسية إن لم نقل كلّها في تغذية حالة الفشل والإحباط التي يعيشها المواطن التونسي والنقمة على الذات التي تحوّلت إلى “آخر” منفصلة عن الفاعل الاجتماعي، ثم تتسع دائرة هذه النقمة لتشمل المحيط الاجتماعي، وحالة اليأس من غد أفضل... حيث جعلت الوعود الانتخابية المواطن التونسي يعيش في عالم من الأحلام الوهمية سرعان ما استفاق من حلمه ليصطدم بواقع مرير فقد فيه قدرته على تحمّل الضغوطات والإكراهات الاجتماعية، واقع انعدم فيه التوافق بين متطلّبات الحياة اليومية وما هو ممكن توفيره...

12.                     التهميش وتكريس ثقافة المقاس، إذا كانت الشرارة الأولى للثورة في حقيقتها عبارة عن رد فعل على حالة الإقصاء والتهميش وعدم تكافؤ الفرص بين المناطق والفئات الاجتماعية، فإن المواطن التونسي اليوم لم يلمس أي مؤشرات لتحقيق المطالب التي من أجلها ثار وانتفض وكسّر هاجس خوفه، حيث انتاب كل من لم يكن على المقاس شعور بخيبة أمل وبخذلان من توسّم فيهم خيرا... هذا الوضع وهذا الشعور يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في خلق الأرضية الاجتماعية والنفسية لتغذية الظواهر العنفية والظواهر المشابهة لها.

13.                     بروز ثقافات مغذية للظواهر الإجرامية والعنفية، برزت في السنوات الأخيرة العديد من الثقافات السلبية والمغذية أو الداعمة والمولدة للظواهر الإجرامية والعنفية، نذكر منها "ثقافة الألم" و"ثقافة الفشل والإحباط" و"ثقافة التباكي والتشكي" و"ثقافة التشكيك"...

 

الوضع الإجرامي الحالي هو امتداد للوضع السابق

حاولنا منذ سنة 2005 رصد أهم القضايا التي تم عرضها على الدوائر القضائية وتناولتها الصحف التونسية، خاصة مع غياب الإحصائيات الرسمية حول هذا الموضوع وذلك في إطار متابعة نتائج بحثنا المتضمنة بأطروحة الدكتوراه في علم الاجتماع الإجرامي.

سجلنا بين فيفري ومارس 2008 مثلا ما لا يقل عن 866 جريمة بثلاث صحف هي “الصباح” و”الشروق” و”الصريح” حيث احتلّت صحيفة الصباح” الصدارة بـ347 جريمة ثم تلتها “الشروق” بـ 272، و “الصريح” بـ247.

خمسة أصناف

تمحورت أهم وأبرز الجرائم المذكورة في خمسة أصناف إجراميّة وهي:

·       جرائم السرقة،

·       جرائم العنف وخاصة القتل،

·       الجرائم الجنسيّة

·       الجرائم الماليّة

·       جرائم المخدّرات

وكانت نتائج الرصد على النحو التالي:

ü    القتل العمد احتلّ صدارة جرائم العنف المرتكبة، إذ بلغت حوالي الـ 55 % من جرائم العنف الواردة بالصحف المرصودة، إذ رصدنا 106 جريمة قتل من جملة 193 جريمة عنف (الصباح 75 والشروق 70، والصريح 48). ففي صحيفة “الشروقمثلا، سجلنا 45 جريمة قتل منها 10 ارتكبت ضد أطفال أبرياء، بلغ عدد المتّهمين الـ 49 متّهما منهم 12 جريمة قتل ارتكبت من قبل النساء والبقيّة ذكور.

أمّا بالنسبة لصحيفة «الصباح» فقد سجلت هي الأخرى نسبة مرتفعة من جرائم القتل بلغت 34 جريمة، أدين فيها 39 متّهما منهم 20 بالعاصمة، و7 بالوطن القبلي، كما تحدّثت صحيفة «الصريح» هي الأخرى عن 27 جريمة قتل، اتهم فيها 28 متّهما منهم 13 بالعاصمة و7 بالوطن القبلي أمّا بالنسبة لأهم خصائص جرائم القتل الواردة بالصحف الثلاث فإنّنا نلاحظ:

ü    أسباب تافهة لجرائم فظيعة: المواطن التونسي أصبح يرتكب جرائم قتل لأبسط الأشياء مثلما ورد بالعناوين التاليّة: “3 إخوة يقتلون خصمهم ضربا وركلا” بسبب خلاف حول صابة الزيتون (الشروق 3مارس2008)، أو “ملاسنة ساخنة تنتهي بقتيل” (الشروق 6 مارس) أو “رفضته زوجا فطعنها 6 مرّات” (الشروق 9 مارس)، «مصرع شاب حرقته حبيبته السابقة لأنّه قطع علاقته بها” (الشروق 13 مارس)، أو «شقيقان قتلا ابن خالهما وأحرقا جثته من أجل بورطابل و50 دينارا» وأيضا «نهاه عن الكلام البذيء في محضر أسرته فطعنه بسكين” (الصريح 6 مارس) أو «بعد خروجه من الإصلاحيّة بـ10 أيّام قاصر يقتل طالبا بسكّين لأنّه لم يمكّنه من سيجارة أو دينار!»… «قتله بواسطة سكّين لأنّه ربط علاقة مع صديقته القديمة» (الصريح 10 مارس)، “قتل شقيقه بطعنة سكين من أجل قطعة أرض صغيرة!» (الصريح 12 مارس)،… وما تجدر الإشارة إليه هو أن جل الصحف التونسية اليوم تنشر جرائم مشابهة وتقريبا نفس أسلوب صياغة العناوين.

ü    الجاني والضحية من نفس الأسرة:  العديد من جرائم القتل كان ضحيّتها أحد الوالدين، فمثلا تحدّثت الشروق” الصادرة يوم 9 مارس عن جريمة قتل وقعت بحي ابن سينا “توفي شيخ الثمانين بعد أن صرّح (قبل وفاته) بأن ابنه عنّفه”، وتحدّثت الصريح يوم 22 مارس عن جريمة قتل بشعة وقعت بمنطقة قرمبالية “قتل أمّه التي تسوّلت من أجله!»، كما ورد بصحيفة الشروق الصادرة يوم 16 مارس 11 جريمة قتل ضد الوالدين نذكر منها: في سكرة، «طعن أمّه حتى الموت من أجل المال»، في سليانة، “نحر أمّه لأنّه فشل في الامتحان”، في طبرقة، “غضب منها فقتلها بآلة حادة” (أمّه)، «حرّض أصدقاءه على قتل والده” (من أجل سرقة مبلغ قدره 20  ألف دينار من خزينة المصنع)، في بنزرت، “قتلت والدها لأنّه متصاب" كما بلغت جرائم قتل الزوجات بشكل مثير، واحتلت صدارة جرائم القتل الأسرية بنسبة تفوق 35 %.

ü    أطفال أبرياء ضحايا القتل: العديد من جرائم القتل كان ضحيتها أطفال أبرياء، ومن هذه العناوين نذكر: في حي الزهور، “عذّب ابنة صديقه حتى الموت”، في دوّار هيشر، ذبحت ابنة الجارة انتقاما من أمّها”، في الزهروني، “اكتشفت خيانة زوجها فألقت بطفلها في القنال”، في باجة، “أغضبته زوجته فرمى برضيعه على الحائط، في سليانة، “انتقاما من زوجها أغرقت أطفالها الأربعة في البئر”…

إعلام الأمس يرسم جرائم اليوم

الملفت للانتباه هو أن ما تم عرضه بوسائل الإعلام لا يعكس الصورة الحقيقية للوضع الإجرامي بالبلاد في تلك الفترة، حيث تتوزع الأنماط الإجرامية بطريقة مختلفة تماما لما تم عرضه بوسائل الإعلام، إذ تتصدرها جرائم السرقة المجردة (النشلة والنترة...) ثم السرقة الموصوفة، وتتقارب كثيرا نسب الجرائم العنفية مع جرائم المخدرات والجرائم الجنسية وأخيرا جرائم الاعتداء على الممتلكات ثم في السنوات الأخيرة قبل الثورة بدأت تبرز بشكل كبير جرائم التحيل والتوزير والجرائم المالية... ولكن وسائل الإعلام ركّزت بشكل كبير على الجرائم العنفية وخاصة القتل بحكم جاذبيتها وجلب أكبر عدد من القراء أو المتابعين بالاعتماد على عناوين مثيرة وبالصفحات الأولى، غياب شبه كلي للحرفية والمهنية في تناول المواضيع الإجرامية والتي ظل الإعلام التونسي يعاني منها إلى اليوم.  

مؤشرات خطيرة تجاهلتها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام التونسي

دق في السنوات الأخيرة العديد من النخب السياسية والفكرية والعديد من الإعلاميين ناقوس الخطر والإعلان عن بوادر أزمة اجتماعية حادة ستعصف بالمجتمع إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وجريئة... أقل ما يقال عن هذا الإعلان (دق ناقوس الخطر) هو أنه جاء متأخرا جدا ولكن ملاحظتنا هذه لا نعني بها استحالة المعالجة بقدر ما نعني الابتعاد عن الشعارات الفضفاضة والتحركات الظرفية والوقوف جميعا على ضرورة وضع خطة إستراتيجية لمجابهة الظواهر الإجرامية المستفحلة في البلاد... ومقولة التفكير الاستراتيجي تشترط مقاربة ثلاثية الأبعاد (الماضي والحاضر والمستقبل)، ومن هذا المنطلق نود الوقوف على الماضي حتى نفهم الحاضر ونرسم للمستقبل.

تقارير وأرقام مخيفة:

أصدر ديوان الأسرة والعمران البشري تقريرا ومنشورات إحصائية وأكاديمية قي 2007 تضمّنت الأزمة الحقيقيّة التي وصل إليها شبابنا وتدني الوضع الأسري بالبلاد التونسيّة في تلك الفترة. 

فعلى مستوى الأمراض المنقولة جنسيّا أكّد تقرير الديوان حدوث 70 حالة إصابة جديدة بالسيدا سنويا سجّلت لدى الفئات الشبابية التي لا يتجاوز سنّهم الـ30 سنة.  70% منها كان لدى الذكور و30% لدى الإناث.

وعلى مستوى استهلاك والإدمان على المخدرات فقد أكّدت تقارير ديوان الأسرة والعمران البشري وكذلك دراسة أجراها المعهد الوطني للصحة شملت 500 شاب أن نسبة استهلاك المخدرات لدى شباب تونس في تلك الفترة وصلت إلى حدود 10% . أمّا نسبة المواظبين أو المدمنين فقد تجاوزت الـ3% حسب دراسة إحصائية لفئة شبابية تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة.

وعلى مستوى العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج،  أفادت المعطيات الصادرة عن الديوان الوطني ارتفاع عدد حالات الإجهاض لدى الفتيات العازبات، إذ سجّلت العيادات الراجعة بالنظر للديوان حدوث 10 آلاف و360 حالة خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2002 و2007.. وأكّد الديوان أيضا أن أكثر من 80% من الشباب الذين لهم علاقات جنسية يمارسون الجنس دون استعمال أي وسيلة حماية وهو ما يجعلهم عرضة للأمراض المنقولة جنسيا والحمل غير المرغوب فيه. ونظرا لخطورة الأزمة وتفاقم عدد حالات الإجهات تشير المعطيات الإحصائية إلى تضاعف عدد العيادات المختصة في هذا المجال بحوالي خمس مرات بين سنتي 2002 و2007 إذ ارتفعت من 11 ألف و500 عيادة إلى 56 ألف عيادة..

وعلى مستوى الانقطاع المدرسي، أكّدت إحصاءات نشرت سنة 2007 أن نسبة الانقطاع المدرسي خلال الخماسية الماضية بلغت حدود  1.7  % في مرحلة التعليم  الابتدائي و10.9%  في مرحلة التعليم الإعدادي و12.7%  في مرحلة التعليم الثانوي. وأشارت إحصاءات رسمية أنه خلال السنة الدراسية 2004/2005 انقطع نحو 83 ألف تلميذ عن الدراسة من المرحلة الأولى والثانية من التعليم الأساسي.  وتؤكد دراسة المرصد الوطني للشباب في نفس الفترة  أن السلوك الانحرافي لدى  الأطفال يعود بالأساس إلى  الانقطاع المبكر عن التعليم .

وعلى مستوى العنف المدرسي، فقد فقدت المدارس قيمتها التربوية لتتحوّل إلى فضاءات لاستعمال العنف. وأكدت إحصاءات وزارة التربية والتكوين أن حالات العنف المرتكبة في الوسط المدرسي خلال 2005 -2006 بلغت حدود 2025 حالة، 51.35% منها حدثت داخل أقسام الدراسة، وصل البعض منها إلى حد الطعن والتشويه والتهديد بسلاح أبيض. ونفس الشيء تقريبا كان خلال السنة الدراسية 2004-2005 ، إذ تم تسجيل 2054 حالة عنف، 57.39% حدثت  داخل الأقسام. وتم منذ 2004 -2005 بعث خلية تابعة لوزارة التربية والتكوين تهتم بإحصاء حالات العنف في المحيط المدرسي، وترشحت بذلك تونس إلى المرتبة الثالثة عالما بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من حيث إحداث منظومة إحصائية في هذا الغرض. حسب دراسة للمرصد الوطني للشباب شملت 600 شاب وشابة من مناطق ريفية وحضرية نجد أن 88% من شباننا يستخدم العنف ، وصرّح  62% منهم أن أحد أفراد عائلاتهم يمارسون هذا السلوك.

كيف تعاملت الحكومة السابقة مع القضايا الشبابية؟

كل هذه الإحصائيات وغيرها كانت على طاولة الوزارات والجهات المعنية ولكنها تعاملت معها بطرق سلبية ولم تأخذها مأخذ الجد، وما نعيشه اليوم هو "ثمرة" لتلك السياسات المتبعة، وأيضا ثمرة ركود كل القوى الفاعلة مثل الإعلام الذي دعّم تلك السياسات، والنخب الفكرية والسياسية التي نراها اليوم تنظّر في هذا المجال... ما نثيره في هذا الإطار لا نستهدف منه توجيه الانتقادات وسلخ الماضي بقدر ما نستهدف الاستفادة من الأخطاء السابقة حتى لا نعيد إنتاجها على حد تعبير بيار بورديو، فمثلا استمع المجلس الوزراء يوم الأربعاء 7 جانفي 2008 إلى بيان حول التقرير السنوي المتعلق بوضع الطفولة لسنة 2008 ولكن عوض دق ناقوس الخطر واتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة  اقتصرت مناقشة المجلس الوزاري على "الحصيلة الهامة من المكاسب" التي تحقّقت لفائدة هذه الشريحة  وتجندت كل وسائل الإعلام للإشادة بتلك المكاسب، باستثناء جريدة الموقف في العدد 482 و العدد 489 والتي تم حجبهما من الأكشاك بطرق ملتوية.  كما دعا السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان إثر مناقشة القانون المتعلق بمكافحة المخدرات إلى تجنّب تهويل الأمور لأن بلادنا تبقى مجرد أرض عبور للمخدرات وليست أرض استهلاك وترويج... ونفس العبارة تم استعمالها عند إثارة قضية الهجرة السرية (الحرقان)، ثم إعادة استعمالها بعد الثورة في القضايا الإرهابية والسلاح.

 

 

قراءة في ردة الفعل المجتمعي على حادثة قتل الطفل ذو 4 سنوات

ü    الحادثة تفاعل معها الشارع التونسي بمختلف أصنافه،

ü    الحادثة كانت عبارة عن رجة اجتماعية (صدمة) بأتمّ معنى الكلمة تجلت في:

·       حس مشترك بالألم،

·       إدانة مشتركة للفاعل،

·       تعاطف مشترك مع الطفل الضحية وعائلته

ü    من الناحية السوسيولوجية، المجتمعات في وضعيات معينة (مثل التي مرت بها البلاد عند وقوع الحادثة) تحتاج لمثل هذه الرجات والصدمات حتى تستفيق، خاصة مع غياب شخصيات كاريزمية مؤثرة،

ü    بهذا المعنى يمكن اعتبار الحادثة الأخيرة نوعا من العلاج الشبيه بالعلاج بالصدمة الكهربائية، ووضعية الشعب التونسي (بعد الحادثة) شبيهة بوضعية الاسترخاء التي تحصل للمريض بعد جلسة المعالجة بالصدمة الكهربائية، وضعية مؤهلة لتقبل العلاج ولكنها وضعية مؤقتة،

ü    هذه الحادثة رغم مرارتها التي يعجز اللسان عن التعبير عنها هي:

·       فرصة مناسبة للقيام بقراءة موضوعية معمقة لتفاقم هذا النوع من الجرائم،

·       فرصة للقيام بالنقد الذاتي ولتقييم ما نحن بصدد القيام به والتصريح به،

·       الإدانة ظاهريا لمرتكب هذا الفعل الإجرامي الشنيع... ولكن في جوهره "كلنا مدانون"، كلنا (ودون استثناء) ساهمنا بشكل مباشر أو غير مباشر في انتشار وتفاقم هذه الظاهرة،

ü    "كلنا مدانون"، بمعنى أن كل المجتمع التونسي بمختلف تركيبته يتحمل المسؤولية:

·       عامة الناس،

·       الأحزاب الحاكمة،

·       الأحزاب المعارضة،

·       المجتمع المدني،

·       الإعلام،

·       النخب،

·       المؤسسات...

ü    هذه الحادثة تحولت إلى قضية رأي عام، مع التذكير أن حوادث أخرى مشابهة سبقتها ولكنها لم ترتق إلى مستوى قضية رأي عام،

ü    عملية تحولها وارتقائها الى مستوى قضية رأي عام من الناحية السوسيولوجية لها بعد ايجابي:

المجتمع مازال بخير،

المجتمع غير ميؤوس منه،

أعادت لنا الأمل في إمكانية إنقاذ البلاد من هذا الخطر

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحلول الممكنة

خطورة الوضع تفرض علينا الابتعاد عن الإجراءات والقرارات  الفردية التي تكون في شكل ردود فعل... ما نحتاجه اليوم هو خلق آلية ناجعة للسيطرة على هذا المرض من خلال وضع "خطة إستراتيجية" تشاركية واضحة تحدد فيها:

ü    الأهداف:

·       الأهداف العاجلة (قريبة المدى)،

·       الأهداف متوسطة المدى،

·       الأهداف بعيدة المدى.

كما تحدد فيها الأولويات وفق التصنيف الاستراتيجي التالي:

ü    الأولويات:

·       الهام والعاجل،

·       الهام وغير العاجل،

·       غير الهام وغير العاجل في الوقت الحاضر،

ü    تشريك كل الأطراف المعنية في وضع "خطة العمل الإستراتيجية"، وهنا نتحدث عن:

1.    ضحايا العنف والقتل وعائلاتهم، ضحية اليوم هو مشروع جاني مستقبلي إذا لم يتم الإحاطة به (أثبتت بعض الدراسات حول جرائم الاغتصاب أن حوالي 48% من الفاعلين كانوا ضحايا الماضي...

2.    مرتكبي جرائم العنف والقتل وعائلاتهم، ممكن عقد ورشات عمل داخل السجون بالتنسيق مع الإدارة العامة للسجون والإصلاح وقاضي تنفيذ العقوبات،

3.    ممثلين عن المؤسسات التربوية،

4.    ممثلين عن المجتمع المدني،

5.    ممثلين عن الأحزاب السياسية سواء أكانت في الحكم أو في المعارضة،

6.    ممثلين عن وسائل الإعلام،

7.    أهل الاختصاص في مجال العلوم ذات الصلة مثل علم الاجتماع، علم الاجتماع الاجرامي، علم النفس علم الاجرام...

8.    ممثلين عن الوزارات ذات الصلة بالجريمة مثل وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشباب ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الدينية...

يتم وضع خطة العمل الإستراتيجية على النحو التالي:

ü    أولا، عقد ورشات عمل لكل فئة ويشرف على تنشيطها مختصون في المجال، وتتوج بتقرير عام ومشروع توصيات ومدونة سلوك،

ü    ثانيا، عقد جلسة عامة لعرض ومناقشة مشاريع التوصيات ومدونات السلوك لكل فئة،

ü    ثالثا، تترجم التوصيات ومدونات السلوك  في "خطة عمل إستراتيجية" يتم من خلالها تحديد:

·       الأولويات (الهام والعاجل، الهام وغير العاجل، غير الهام وغير العاجل في الوقت الحاضر)،

·       الأهداف (الأهداف العاجلة (قريبة المدى)، الأهداف متوسطة المدى، الأهداف بعيدة المدى)،

·       آليات التنفيذ.

Ø    تكوين فريق عمل لمتابعة التوصيات و"خطة عمل إستراتيجية"، ويتكون الفريق من ممثلين عن ورشات العمل وتحت إشراف رئاسة الحكومة.

إذا كانت هناك إرادة سياسية صادقة، فإنه قبل موفى هذه السنة يمكن أن تكون هناك "خطة عمل إستراتيجية" واضحة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

التطبيع مع المرفوض بين الوهم والحقيقة

  التطبيع مع المرفوض مقولة وهمية لا يمكن للشعوب التطبيع مع ما ترفضه مهما كانت قوة المرفوض ومهما كانت درجة ضعف الرافض... كثيرا ما يفسر السكوت...