تقييم إجراءات قيس سعيد
من وجهة نظر سوسيولوجية
د. سامي نصر
باحث في علم الاجتماع
انقسمت تقييمات النخب السياسية والأكاديمية
ونخص بالذكر أهل الاختصاص في المجال القانوني والدستوري بين مؤيد لإجراءات رئيس
الجمهورية وبين من يجرمها ويقحمها ضمن الجرائم الكبرى... مع الأسف يبدو أن أهل
الاختصاص في علم الاجتماع تم استبعادهم في جل وسائل الإعلام والحوارات والنقاشات،
باستثناء من اعلن اصطفافه مع هذا الفريق أو ذاك...
وبالرجوع إلى البعض من المقاربات
السوسيولوجية يمكن فهم ما يحدث وتقييمه سوسيولوجيا، ويمكن ان نقف على المقاربة
الدوركايمية أو توجهات وكتابات ميشال كروزيه، فمثلا بالرجوع إلى مقولة دوركايم
المشهورة "نحن لا نستنكر عملا لأنه جرمي، وإنما هو جرمي لأننا نستنكره"
السؤال الجوهري الذي على أساسه يمكن تقييم
إجراءات قيس سعيد هو التالي، ما هو الفرق:
بين
استنكار الاجراءات لأنها جرمية؟
وبين
وصفها بالجرمية لأننا نستنكرها؟
سوسيولوجيا المساندة الشعبية للقرارات
والمزاج الشعبي العام تلغي صفة الجرمية في الإجراءات المتخذة وبالتالي على القوى
المعارضة لتلك الإجراءات محاولة الرجوع للشارع واقناعه بوجهة نظرها لتغيير هذا
المزاج العام...
وبالرجوع إلى أعمال وكتابات ميشال كروزيه
وخاصة كتابه "الفاعل والنسق" وتحديدا مقولة الاستراتيجيا والتي يتم
استعمالها اليوم بكثافة من قبل نخبنا بمختلف توجهاتهم واختصاصاتهم، حيث فرق ميشال
كروزيه بين نوعين من التفكير: التفكير النسقي والتفكير الاستراتيجي، فالتفكير
النسقي هو الانطلاق من النسق للوصول إلى الفاعل في حين ان التفكير الاستراتيجي هو
الانطلاق من الفاعل للوصول للنسق، ومن هذا المنطلق يصبح شعار "الشعب
يريد" والرجوع للشعب والخضوع لانتظاراته ومطالبه هو المجال الوحيد المنسجم مع
مقولة التفكير الاستراتيجي.
ما
يعاب فعلا على رئيس الجمهورية في هذا المجال هو أن لديه أهم ورقة رابحة لكنه لم
يستعملها أو على الأقل لم نلمس استعمالها وهذه الورقة هي "مركز تونس للدراسات
الاستراتيجية" والتابعة إداريا وتنظيميا لرئاسة الجمهورية، كان يفترض أن توكل
لهذا المركز القيام بدراسات أكاديمية لتحدد ماذا يريد الشعب تحديدا وان يرسم هذا
المركز الخطط الاستراتيجية لإنقاذ البلاد بالتعاون مع أهل الاختصاص...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire