https://www.facebook.com/nasr.sami.397/

lundi 15 novembre 2021

العمل الجمعياتي في تونس بين الموجود والمنشود: قراءة سوسيولوجية

 



العمل الجمعياتي في تونس بين الموجود والمنشود:

قراءة سوسيولوجية

سامي نصر

دكتور في علم الاجتماع

     كان من المفترض أن تلعب الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني دورا رئيسيّا في المرحلة الانتقالية من خلال تأطير وتكوين مختلف الشرائح الاجتماعية وخاصة الشبابية منها، والمساهمة الفعّالة في تطوير المشهد العام بالبلاد، كان من المفترض أيضا أن تكون الجمعيات أهم قوة فاعلة بالبلاد يمكن المراهنة عليها... إلاّ أنها  أصبحت اليوم تثير العديد من الإشكاليات التي تستوجب التدخل العاجل، خاصة بعد أن انحرفت العديد منها عن الدور المناط على عهدتها، وتحوّلت إلى مجال خصب لتوظيف اللوبيات السياسية والمالية الوطنية منها والأجنبية، إضافة لخلق صورة سلبية عن الحياة الجمعياتية بما في ذلك الجمعيات االبعيدة كل البعد عن تلك السلبيات. 

 

 

-I- تقديم عام

      لا يمكن فهم وضع ودور الجمعيات خارج إطار الوضع الجمعياتي، والوضع الاجتماعي العام بالبلاد:

     الجمعيات                          المنخرطين                     

                 

صورة مصغرة للمجتمع                صورة مصغرة للشعب التونسي     

 

(أ) الوضع الجمعياتي في تونس

الوضع الجمعيات في تونس أصبح يثير العديد من الإشكاليات رغم الدور الذي قامت به والذي يمكن أن تقوم به في هذه المرحلة، من هذه الإشكاليات نذكر:

1.   الكثرة والتشتت، إذ يفوق عددها الـ 23 ألف جمعية،

2.   بروز ظاهرة الجمعيات الوهمية أو شبه الوهمية، فعلى المستوى النظري والعددي نجحت هذه الجمعيات في ملامسة كل تراب الجمهورية، تكف الإشارة هنا إلى أنها شملت ما يقارب 90% من المعتمديات وفي المقابل كانت الفاعلية محدودة حدا مقارنة بعددها وبتوزيعها الجغرافي،

3.   ضعف أو انعدام الفاعلية، مثلا سبق وأن أشار رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد ابراهيم الميساوي الى أن عدد الجمعيات الخيرية بلغ 2378 جمعية نسبة نشاطها الفعلي 11.25%، و عدد الجمعيات التنموية بلغ 2162 نسبة نشاطها الفعلي 10.23% بالإضافة إلى أن عدد جمعيات الشباب والطفولة بلغ 678 جمعية لا تتجاوز نسبة نشاطها 3%، و عدد الجمعيات الحقوقية بلغ 353 جمعية نسبة نشاطها الفعلي يعادل 1.67% في حين بلغ عدد الجمعيات النسائية 180 جمعية نسبة نشاطها الفعلي يعادل 0.85%.،

4.   تفاقم ظاهرة الجمعيات المتستّرة، العديد من الجمعيات كان لها أهداف معلنة وأهداف خفية الشيء الذي خلق الريبة في التعامل معها والأخطر من كل ذلك تعميم تلك الريبة لتشمل جمعيات أخرى لا علاقتها لها بالتستر، ومن بين اهم الأهداف الخفية غير المعلنة عنها هي الأهداف التمويلية (تبييض الأموال) وخاصة الأهداف الحزبية، حيث نجحت العديد من القوى السياسية في تجييشها في التحركات الميدانية الاحتجاجية منها أو التحركات المساندة للسلطة، إضافة لتجييشها في العالم الافتراضي وخاصة عبر شبكات الاتصال الاجتماعي مثل الفايس بوك واويتر ، ونشير هنا إلى أن حوالي 23% من الجمعيات تعقد اجتماعات استثنائية متزامنة مع اجتماعات الأحزاب المرتبطة بها او القريبة منها... كما أكدت الدراسة أيضا أن 33% من الجمعيات يديرها مسؤولين قياديين بأحزاب سياسية، مما يجعلها عبارة عن امتداد لهيكلة وبرامج الأحزاب السياسية توكل لها مهمة التعبئة السياسية تحت غطاء أعمال خيرية.

     كل ذلك أثر سلبا على نوعية العلاقة التي تربط المواطن التونسي بالعمل الجمعياتي، ونوعية الصورة التي يحملها عنها، كما ضاعف من معاناة وصعوبات الجمعيات الجادة التي لا علاقة لها بتلك الأمراض الجمعياتية = تجني "الثمار السيئة" لممارسات غيرها.

(ب) الوضع الاجتماعي العام بالبلاد:

يعيش المجتمع التونسي اليوم وضعا استثنائيا ويمر بمرحلة في غاية من الحساسية، إذ أكدت العديد من الدراسات في علم الاجتماع السياسي للمجتمعات التي عاشت رجة اجتماعية قوية مثل الثورة أو الانتفاضة الكبيرة ظهور افرازات اجتماعية تظهر في شكل أمراض اجتماعية جديدة أو تفاقم لأمراض كانت موجودة من قبل.

 لذلك لا يمكن تناول وضعية الجمعيات دون فهم الوضع الاجتماعي العام بالبلاد، ومن بين الامراض الاجتماعية التي لها علاقة مباشرة بنشاطات الجمعيات نذكر:

1.   أزمة الثقة، والتشكيك، والريبة من كل شيء = الكل يخوّن الكل، الكل يشكك في الكل.          نعيش اليوم أزمة ثقة بامتياز.

2.   الإحساس باليأس والإحباط نتيجة عدم التوازن بين الطموحات والانتظارات من جهة وبين مرارة الواقع وصعوباته.         يؤثر سلبا على نوعية العلاقات

3.   المراوحة بين الانغماس الكلي أو العزوف الكلي عن الشأن العام،

4.   ثقافة المقاس، كل طرف يريد أن يكون الطرف المقابل على مقاسه

5.   ظاهرة التذمر من كل شيء / "التنبير"، تبرز هذه الظاهرة في ثلاث حالات:

 

§       الحالة الأولى، التذمر كنتيجة لتواجد صفتين:

رفض وضع + خوف من المواجهة = تذمّر

رفض وضع + يأس من تغييره = تذمّر

§       الحالة الثانية، التذمر كوسيلة دفاعية لمجابهة الوضع القائم، أحيانا يكون التذمر من أشياء موجودة وأحيانا من خلق الخيال، شكل من اشكال التصعيد أو "التنفيس" وتفريغ شحنات داخلية بحثا عن التوازن النفسي والاجتماعي.

§       الحالة الثالثة، التذمر كألية لإخفاء النقائص، ففي الكثير من الأحيان يعتمد الفرد على التذمر المعلن لإخفاء ثغرات ونقائص بداخلنا وصعوبات معيشيّة (مثلا دراسة سوسيولوجية حول النكت الشعبية والسياسيّة أكدت انتشار النكت وخاصة التي تتضمن بعدا تذمريا في المناطق التي تعيش صعوبات اقتصادية ومناخية صعبة...)

 

 

 وضع الجمعيات والوداديات في تونس ودورها بعد 25 جويلية

لا يمكن الحديث عن دور الجمعيات في هذه المرحلة وتحديدا بعد 25 جويلية دون ربطها بالإجراءات الاستثنائية وبمقولة "الخطر الداهم" الواردة في الفصل 80 من الدستور ، أو عبارة "الخطر الجاثم" على حد تعبير رئاسة الجمهورية.

اذ يكمن الخطر الداهم أو الجاثم في تغوّل ما يسميه عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كروزيه M Crozier بالتنظيم اللاشكلي أو ما نعبّر عنه بالموازي أو الدولة العميقة والتي أصبحت تهيمن على كل شيء.

مع التذكير أن ظاهرة اللاشكلي أو الموازي تعد من وجهة نظر علم اجتماع الشغل وعلم اجتماع التنظيم ظاهرة طبيعية وليست ظاهرة مرضية  عندما لا تتجاوز الـ 10 أو ألـ 15% من طريقة اشتغال الدولة أو المؤسسات، ولكن ما حدث في تونس قبل 25 جويلية هو أن وجودها تجاوز الـ 80% في العديد من مؤسسات الدولة حتى أصبحنا نتحدث عن تجارة موازية وإدارة موازية ومسؤول موازي واعلام موازي وأمن موازي وقضاء موازي بل حتى ناطق رسمي موازي...

        الجمعيات في تونس هل هي جزء من الحل أم جزء من المشكل؟ هنا تتجسد الإشكالية الرئيسية لهذه المداخلة.

-أ- الجمعيات والوداديات آلية من آليات علاج وإدارة الموازي:

الدول المتقدمة لا تفكّر في إلغاء الموازي أو مواجهته بشكل مباشر وإنما فكّرت في البحث عن الآليات الكفيلة في الحد من هيمنة الموازي وفي كيفية إدارته حتى لا تخرج عن مسار وتوجهات الدولة والمؤسسات الرسمية، وحتى تصبح عامل دعم لا عامل معيق ومعرقل.

        علاقة الرسمي بالموازي أو اللاشكلي مثل إشكالية علاقة "الحماه بالكنّة" أو أشكالية "صراع الأجيال"... والتي لا يمكن التفكير في حلها بل يجب التفكير في كيفية إدارتها.

في هذا الاطار تم بعث الجمعيات في صلب الحياة الاجتماعية والوداديات في صلب الحياة المؤسساتية. إذ أكّدت مثلا الدراسات في علم الاجتماع الاتصالي والإعلامي أن الحكومات والمؤسسات تشتغل بنظام اتصالي رباعي والمتمثل في:

الاتصال النازل: تخرج الرسالة الاتصالية من أعلى سلطة في الحكومة أو المؤسسة لتصل إلى ابسط مواطن أو موظف أو عون.

الاتصال الصاعد: تخرج الرسالة الاتصالية من ابسط مواطن أو موظف أو عون لتصل إلى أعلى سلطة في الحكومة أو المؤسسة.

الاتصال الأفقي: اتصال حسب الاختصاص أو الرتبة ويظهر هذا الاتصال بشكل واضح في عمل اللجان.

الاتصال الشبكي او اللاشكلي وهنا يتجسّد دور الجمعيات والوداديات.

        اذن عمل الوداديات ليس كما يعتقد الكثير ممن يختزلها في تذاكر الأكل والرحلات، بل عملها جوهري في اشتغال المؤسسات (ونفس الشيء بالنسبة للجمعيات).

عملها الأساسي هو إدارة الموازي او اللاشكلي وجعله يشتغل بطريقة تتناغم مع توجهات وأهداف الحكومة والمؤسسات لتصبح "قوة دعم" عوض أن تكون "خطر داهم".

والسؤال الذي يطرح نفسه هو أي دور للوداديات والجمعيات في كل هذا؟

-ب- تشخيص الوضع الجمعياتي يثير تساؤلات

تجاوز عدد الجمعيات اليوم الـ 23 ألف (بعد أن كانت في حدود 7 ألاف جمعية قبل الثورة)، مما جعل البعض يشكك في الدور الذي يمكن أن تضطلع خاصة مع تفاقم درجة العزوف عنها ويصفها بـ"الفقاقيع المسمومة"

كما تؤكد بعض الإحصائيات أن قرابة 50% من هذه الجمعيات لا تمتلك حسابا مفتوحا يمكن مراقبته، وهو ما يتعارض مع المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الجمعيات.

 حوالي 20% منها هي جمعيات دينية خيرية تتمتع بتمويلات ضخمة غير معلومة المصدر.

كما أكدت الدراسة التي قام بها المرصد الوطني إيلاف مثلا أن 28 % منها ذات أهداف حقوقية، وأن 48% منها غير ملتزمة بصفة حصرية بالأهداف المعلن عنها بالقانون الأساسي، وهو ما جعلها تمارس أنشطة مزدوجة بل متعارضة في الكثير من الأحيان مع أهدافها الأصلية.

فعلى المستوى النظري والعددي نجحت هذه الجمعيات في ملامسة كل تراب الجمهورية، تكف الإشارة هنا إلى أنها شملت ما يقارب 90% من المعتمديات وفي المقابل لم نلمس لها أي أثر على مستوى التأطير أو المساعدة، باستثناء حضورها الملفت للانتباه في فترة الحملات الانتخابية وهو ما جعلنا نصفها بالمنظمات والجمعيات "الوهمية والتحيّلية". هذا ونشير إلى أن 7% منها فقط تلتزم بالاجتماعات الدورية الشهرية وصياغة محضر جلسات وفق ما ينص عليه القانون، بل أن حوالي 52% منها لم تعقد أي اجتماع

لوبيات سياسية تهيمن على الساحة الجمعياتية

نجحت العديد من القوى السياسية في تجييشها في التحركات الميدانية الاحتجاجية منها أو التحركات المساندة للسلطة، إضافة لتجييشها في العالم الافتراضي وخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفايس بوك واويتر ، ونشير هنا إلى أن حوالي 23% من الجمعيات تعقد اجتماعات استثنائية متزامنة مع اجتماعات الأحزاب المرتبطة بها او القريبة منها... كما أكدت الدراسة أيضا أن 33% من الجمعيات يديرها مسؤولين قياديين بأحزاب سياسية، مما يجعلها عبارة عن امتداد لهيكلة وبرامج الأحزاب السياسية توكل لها مهمة التعبئة السياسية تحت غطاء أعمال خيرية.


شفافية تمويل الجمعيات في الميزان

إذا كانت درجة شفافية التمويل تعد إحدى المعايير الرئيسية لتقييم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، فإننا نسجل تباينا واضحا في هذا الإطار وذلك حسب نوعية نشاط الجمعية، فمثلا الجمعيات ذات الصبغة الوطنية احتلت المرتبة الأولى في درجة شفافية التمويل بنسبة 37 %، في المقابل نلاحظ أن 13% من الجمعيات ذات الصبغة الخيرية والدينية مرتبطة في تمويلاتها بأحزاب وتمويلات خارجية غير مصرّح بها. وفي نفس السياق وجّه بعض المهتمين بالمجال الجمعياتي أصابع الاتهام لثلاث جمعيات بحصولها على تمويلات قدرت بحوالي 7.2 مليون يورو من مؤسسة قطر الخيرية Qatar Charity، علما وأن هذه الأخيرة بدأت تضخ تمويلاتها كمرحلة أولى في بداية سبتمبر 2011 في إطار مشروع "إخاء" لإغاثة العائلات الليبية، ثم في مرحلة ثانية في مشروع "كفالة 26 يتيم" بقيمة جملية قدّرت بـ 1.154.250 ريال قطري، وفي مرحلة ثالثة تمويلات في شكل هبات صغرى بمناسبة عيد الاضحى... هذا إضافة للتمويلات التي لا يمكن رصدها.

كما لعب التمويل الأمريكي دورا رئيسيا في الهيمنة المباشرة وغير المباشرة على عدد كبير من الجمعيات وفرض توجهاتها، وفي هذا السياق كشفت دراسة مارلين سبويري باحثة في معهد كارنيجي (التي تم نشرها صحيفة "كريستيان مونيتور" الأمريكية) ما تخفيه منظمات التمويل الأمريكية التي تدّعي الاستقلالية والحياد، إذ أكدت الباحثة "أن المنظمات والمؤسسات الأمريكية في مصر وتونس وفي كثير من دول العالم تتدخل بالفعل في الشؤون المحلية، فهي تقوم بعمليات تدريب وتضع استراتيجيات انتخابية لبعض الاحزاب، وتقدم لها الدعم المادي والمالي، وذلك بهدف التاثير على مواقفها وتصرفاتها... وان السلطات الامريكية تزعم ان هذه المنظمات الامريكية المدانة في مصر و تونس ومختلف دول العالم هي منظمات غير منحازة لأحزاب بعينها وتتخذ مواقف وتنفذ انشطة مستقلة وليست تابعة للحكومة الامريكية. وهذا ليس صحيحا بالمرة." وفي المقابل أكدت الباحثة أن "الانشطة التي تقوم بها هذه المنظمات الأمريكية هي انشطة لا تسمح بها الولايات المتحدة ودول اوروبا الغربية نفسها"

ومن هذه المنظمات التمويلية المشبوهة نذكر المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري اللذان يتمتعان بتمويلات من جهات حكومية أمريكية ويترأس هذه المنظمات مسؤولون أمريكيون سابقون وأن هذه المنظمات في حقيقتها هي عبارة عن أدوات للسياسة الخارجية الأمريكية. 

كما تجدر الإشارة إلى أن التمويلات الأمريكية تحت غطاء منظمات تمويل مستقلة لعبت بشكل كبير قبل الثورة ولكنها لم تكن بتلك الضخامة وتلك العلانية بعد 14 جانفي، فما كان بالأمس خفي أصبح اليوم علني وبأكثر ضخامة، تحرّر المانح والمستفيد من الرقابة ومن الانتقادات في خطوة يمكن اعتبارها الأكثر خطورة في تاريخ تونس فبعد أن كان التمويل الاجنبي يقابل بالاستهجان والرفض الجمعي بالمفهوم الدوركايمي اتفق المانح والمستفيد على كسر هذا المانع الاجتماعي الذي كثيرا ما يكون أقوى من القانون عبر التبجّح بالمنح والقبول، فقد أعلنت مثلا السفارة الأمريكية بتونس عبر موقعها الالكتروني على فتح باب الترشح للجمعيات والمنظمات التونسية للحصول على تمويلات في إطار ما يسمى بـ "الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية" (مابي)، وتهافت العديد من الشخصيات باسم منظمات أو جمعيات أو مراكز بحثيّة لتحظى "بكرم الأمريكان"، وسرعان ما تجنّدت العديد من وسائل الإعلام لتبرز شخصيات ممثلة لتلك الجمعيات على أنها شخصيات وطنية مناضلة أو خبراء ومحللين سياسيين، ساهموا بشكل كبير في توجيه الرأي العام، وبلغت قيمة المنحة التي تتلقاها المنظمة الواحدة حسب ما ورد في موقع السفارة الأمريكية يتراوح من 25 ألف دولار إلى 100ألف دولار ، مع العلم أن مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية بإشراف وزارة خارجيتها.

 

كيف يمكن إنقاذ البلاد من الوضعية المتردية للجمعيات؟ وتجنّب ظاهرة التدخل الأجنبي في الشأن الوطني؟

رغم فضاعة ما ترتكبه هذه الجمعيات والمنظمات التي تدعي الاستقلالية والحياد، إلاّ أن إمكانية التصدي للتمويلات المشبوهة ولتدخل اللوبيات السياسية والمالية يبقى ممكنا شريطة وجود إرادة سياسية صادقة ورغبة حقيقية في التصدي لهذه الظاهرة التي نعتبرها في غاية من الخطورة... فالعمل الجمعيات يبقى ضرورة ملحة في كل المراحل التي تمر بها البلاد، ويعد من أنبل ما يمكن أن يقدمه الإنسان لبلده، وفي نفس الوقت يمكن أن يكون كارثة  من شأنها أن تؤثر سلبا على الوضع الحالي وخاصة الأجيال القادمة. ومن بين المقترحات العملية التي يمكن أن نطرحها في هذا الإطار هي:

 أوّلا، تفعيل القوانين الجارية وخاصة المتعلقة منها بتمويل الجمعيات،

ثانيا، محاولة صياغة "ميثاق شرف" تلتزم به كل الجمعيات والمنظمات وتساهم في وضع بنوده مختلف مكونات المجتمع المدني.

وثالثا، محاولة بعث وتأسيس هيئة مختصة في النشاط الجمعياتي يمكن أن نسميها بـ "هيئة التحكيم" أو "هيئة الحكماء"، توكل لها العديد من المهام مثل النظر في الخلافات التي تحصل بين النشطاء أو بين الجمعيات، والتثبت من مدى مصداقية ما تنشره الجمعيات في بياناتها وتقاريرها، إضافة لإمكانية فتح تحقيقات في الفساد المالي والإداري داخل المنظمات والجمعيات. كما توكل لهذه الهيئة أيضا جملة من الصلاحيات كالإشراف على سير الانتخابات داخل الجمعيات، والإشراف على مؤتمراتها، والنظر في مدى تلاؤم قوانينها الداخلية مع الشروط اللازمة للجمعيات الديمقراطية والمستقلة، إضافة لسعيها الدائم على تفعيل ما ورد من بنود في هذه القوانين الداخلية. ولضمان حسن سير هذه الهيئة يمكن أن تمنح جملة من الصلاحيات التأديبية لكل من يخالف "ميثاق شرف الجمعيات الحقوقية" أو ينحرف عن مسار العمل الجمعياتي المستقل والنزيه...

ولضمان نجاح هذه المبادرة يحتاج العاملون في المجال الجمعياتي اليوم إلى عقد ملتقى وطني يضم مختلف مكونات المجتمع المدني يتم خلاله صياغة بنود "ميثاق الشرف"، وتركيبة وصلاحيات "هيئة التحكيم"... وفي ظل غياب هذين الشرطين (ميثاق الشرف وهيئة التحكيم وتفعيل القوانين) من الصعب تفادي خطورة هذه الجمعيات.

 

mercredi 19 mai 2021

سامي نصر (باحث في علم الاجتماع) لـ"الترا تونس": الأولياء الصالحون لهم مكانة هامة لدى الشعب التونسي، ومهما بلغت نسبة التحضّر والتقدّم، يبقى الوليّ ذا شأن كبير لدى شريحة كبرى من التونسيين

 

سامي نصر (باحث في علم الاجتماع) لـ"الترا تونس": الأولياء الصالحون لهم مكانة هامة لدى الشعب التونسي، ومهما بلغت نسبة التحضّر والتقدّم، يبقى الوليّ ذا شأن كبير لدى شريحة كبرى من التونسيين

وأضاف نصر لـ"الترا تونس"، في هذا السياق، أنّه "عندما جاءت فرنسا لاحتلال تونس، ومن خلال تجربتها في احتلال الجزائر وجدت أنها كلّما مارست ضغوطًا أكثر على الجزائريين كلّما التفّوا أكثر حول هويتهم، فقرّرت ألّا ترتكب نفس "الخطأ" في تونس. فنصبت مكاتب مخابرات فرنسية في الجزائر، تدرسُ فيها خصوصية الشعب التونسي ومن بينها علاقته العميقة بالأولياء الصالحين".


زاوية سيدي علي الحطاب (صفحة المهرجان/ فيسبوك) 

وتابع الخبير السوسيولوجي القول: "بعد أن فهم الفرنسيّون جيدًا خصوصية التونسي، واستخلصوا من الدراسات التي أجروها أن الأولياء الصالحين يحظون بمكانة كبيرة لدى التونسيين، قرّروا أخذ ذلك بعين الاعتبار"، موضّحًا أنه "بالعودة إلى أحداث الاستعمار الفرنسي لتونس، عندما كانت تقع مطاردة أحد المجاهدين، إذا ما احتمى داخل زاوية أحد الأولياء كان الجنود الفرنسيون يتوقفون عن إطلاق النار، ولم يعمد المحتل الفرنسي على تفجير أيّ مقام للأولياء الصالحين نظرًا لإدراكه أهمية الأولياء عند التونسي وما من شأنه أن ينجرّ عن ذلك من وقع اجتماعي ربما هو أفدحَ من قتل نصف الشّعب، مما من شأنه أن يفجّر غضبًا شعبيًا محتملًا في وجه المحتلّ"، وفق تقديره.

نصر لـ"الترا تونس": أمام تراكم الأزمات، يحتاج التونسي إلى الهروب من الواقع والبحث عن أي خيط غيبي للتمسك به، وبالتالي فإن الرجوع إلى الأولياء الصالحين هو شكل من أشكال الهروب من الوضع المَعيش

ويعتبر سامي نصر أنّ"الأولياء الصالحين لهم مكانة هامة لدى الشعب التونسي، ومهما بلغت نسبة التحضّر والتقدّم، يبقى الوليّ ذا شأن كبير لدى شريحة كبرى من التونسيين"، مستدركًا أنّ "ما يختلف بين الأمس واليوم في علاقة التونسي بالأولياء، هو أن الناس كانوا في السابق يشهّرون بولائهم للأولياء ويفتخرون بكونهم من أتباع هذا الوليّ أو ذاك، أما في يومنا هذا، فمن الملاحظ أن الاحتفاء والتباهي بالأولياء شهد تراجعًا بنسبة كبيرة".

ويضيف محدّث "الترا تونس" أنه "أمام تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، يحتاج التونسي إلى الهروب من الواقع والبحث عن أيّ خيط غيبيّ للتمسّك به، وبالتالي نعتبر أنّ الرّجوع إلى الأولياء الصالحين هو شكل من أشكال الهروب من الوضع الاجتماعي المَعيش. التونسي اليوم يبحث عن طرف أي خيط أملٍ حتّى ولو كان وهمًا"، متابعًا القول إنّ العقل عندما يعجز عن تحمّل واستيعاب ما هو واقعيّ يخيّر اللجوء إلى الخرافة والأسطورة من أجل إيجاد ما يطمئنه.

وأردف الباحث في علم الاجتماع، في السياق ذاته، أنّ "التقدّم الذي حصل هو تقدم وتطور في الشكل وليس في المضمون، فالتونسي دائمًا يجد نفسه مرتبطًا بكلّ ما هو قديم وروحاني وله علاقة بالزمن البسيط الجميل"، حسب

mardi 18 mai 2021

أحداث غزة جعلتنا نكتشف ابناءنا

 


اعترف دون خجل ان:

الأحداث الأخيرة في غزة جعلتنا نكتشف جانب خفي في ابناءنا وفي هذا الجيل كن خلال روح التضامن مع الشعب الفلسطيني،

القضية الفلسطينية لم تكن ضمن البرنامج الدراسي ولا ضمن البرنامج التلفزية ولا ضمن حوارات الأولياء... ومع ذلك عبر هذا الجيل عن مساندة اكبر كما كنا نتصور،

جيل كنا ننتظر إليه الاستخفاف وينعته البعض بجيل أولاد مفيدة وجيل البرامج الصانعة الرداءة ولكنه كان جيلا اكبر مما تصورنا وأكبر من تلك الصورة التي رسمناها لهم...

أحداث غزة جعلتني أشعر بالألم وأيضا بالأمل

الف ما حدث وما يحدث للشعب الفلسطيني وأمل في هذا الجيل  الذي يمكنه أن يحدث التغيير ويصلح ما أفسده أباطرة السياسة

تحية تقدير لهذا الجبل

Sami Nasr sociologue 

dimanche 16 mai 2021

ادارة الازمة

 

إدارة الأزمات: الأسباب والحلول

علي احمد فارس

لا يخفى على المتابع لسير الأحداث بخاصة السياسية منها ما للازمات بكل انواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم او البناء, وقراءة متأنية لدور الازمة بشكل عام يفضي بنا الى تلمس خيط يقودنا الى حقيقة مفادها ان المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على فرق خاصة وكفوءة في التعامل مع الازمات كانت اصلب عودا واكثر على المطاوعة والاستمرار من قريناتها التي انتهجت اسلوبا مغايرا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا مع بؤر الصراع والتوتر ما ادى بالتالي الى ضعفها وتفككها فالازمات ظاهرة ترافق سائر الامم والشعوب في جميع مراحل النشوء والارتقاء والانحدار. 

ولو امعنا النظر في ثنايا الاحداث التاريخية الكبرى لوجدنا ان الازمة على مر العصور تتوسط المراحل المهمة في حياة الشعوب, فبين كل مرحلة ومرحلة جديدة ثمة ازمة تحرك الاذهان وتشعل الصراع وتحفز الابداع وتطرق فضاءات بكر تمهد السبيل الى مرحلة جديدة, غالبا ما تستبطن بوادر ازمة اخرى وتغييرا مقبلا آخر، وكان لنمو واتساع،المجتمعات ونضوب الموارد المتنوعة وشدة المنافسة السياسية والاقتصادية الكلمة الفصل في طول حياة الازمات الى حد اصبح تاريخ القرن السابق على سبيل المثال يشكل سلسلة من ازمات تتخللها مراحل قصيرة من الحلول المؤقتة, ومن هنا فقد نشأت افكار جدية من اجل دراسة وتحليل الازمة ومحاولة الخروج منها بأقل الخسائر وتأخير الازمة اللاحقة ان تعذر تعطيلها.

ويرى شير مهورن (schermehorn) ان الازمة الادارية انما هي مشكلة غير متوقعة قد تؤدي الى كارثة ان لم يجر حلها بصورة سريعة. 

وعرفها (اللوزي) بأنها كل موقف او حدث يؤدي الى احداث تغيرات ايجابية وجادة في النتائج وهي حدث او تراكم لمجموعة من، احداث غير متوقع حدوثها تؤثر في نظام المؤسسة او جزء منه وهي من الناحية العملية انقطاع عن العمل كليا او جزئيا لمدة تطول او تقصر لسبب معين يتبعها تأثر الكيان وتحوله.

الاسباب المؤدية الى نشوء الازمات

اولا: الاسباب الانسانية وتشمل:

1- سوء التقدير والاحترام.

2- حب السيطرة والمركزية الشديدة.

3- تعارض الاهداف والمصالح.

ثانيا: الاسباب الادارية و تشمل:

1- سياسات مالية مثل ارتفاع التكاليف وضعف قدرة الرقابة.

2- عدم التخطيط الفعال.

3-اتخاذ القرارات بشكل عشوائي.

4- عدم وجود انظمة حوافز ناجحة.

5- عدم توفر الوصف الوظيفي الجيد للمهام والواجبات.

وعلى اية حال فان الازمة هي حالة انتقال من مرحلة الى اخرى يصاحبها نقص شديد في المعلومات وحالة من عدم التأكد، وهي مفتاح التطور والتغيير نحو الافضل او التقهقر والهلاك.

وعليه فلابد من تنصيب برنامج او اكثر، يتم تشغيله في ظروف الطوارئ، اذا ما اراد القائمون على الواقع السياسي والاداري تفادي مصير التقهقر والهلاك على اقل تقدير, وبرنامج من هذا القبيل هو عبارة عن منهج يمثل تقنية تستخدم لمواجهة الحالات الطارئة التي لا يمكن تجنبها واجراء التحضيرات اللازمة لها قبل وقوعها. وهو بمعنى اكثر دقة اشبه بمحاولة تجميع المعلومات اللازمة عن مسببات الازمة ومن ثم تحليلها واتخاذ القرار المناسب بشكل سريع وفاعل. 

خصائص الازمات الإدارية ومواصفاتها

1. المفاجئة العنيفة والشديدة لدرجة انها تكون قادرة على شد الانتباه لجميع الافراد والمنظمات.

2.التشابك والتداخل في عناصرها وعواملها واسبابها.

3. عدم التأكد وعدم توفر المعلومات مما يسبب الاخطاء في اتخاذ القرارات وبالتالي تفاقم وتدهور الاوضاع.

4.غالبا ما يصاحبها امراضا سلوكية غير مستحبة كالقلق والتوتر وحالات عدم الانتباه واللامبالاة.

5. وجود مجموعة من الضغوط المادية والنفسية والاجتماعية تشكل في مجموعها ضغطا ازمويا على الجهاز الاداري.

6. ظهور القوى المعارضة والمؤيدة (اصحاب المصالح) ما يفاقم، من شدة الازمة.

مراحل الازمة وادارتها

تقسم مراحل الازمة ومن ثم ادارتها الى:

1- مرحلة الصدمة:

وهو ذلك الموقف الذي يتكون نتيجة الغموض ويؤدي الى الارباك والشعور بالحيرة وعدم التصديق لما يجري وهي مرحلة تتناسب عكسيا مع مدى معرفة وادراك الانسان.

2- مرحلة التراجع:

تحدث هذه المرحلة بعد حدوث الصدمة, وتبدأ بوادر الاضطراب والحيرة بالظهور بشكل متزايد ويصاحب ذلك اعراض منها زيادة حجم الاعمال التي لا جدوى منها (الاعمال الفوضوية).

3- مرحلة الاعتراف:

وهنا تتجلى عقلانية التفكير - فيما بعد امتصاص- الصدمة حيث تبدا عملية ادراك واسعة ومراجعة للازمة بغية تفكيكها.

4- مرحلة التأقلم: 

حيث يتم استخدام استراتيجيات معينة بالاضافة الى استخدام الموارد البشرية والمادية في المنظمة للتعامل والتخفيف من آثار اللازمة. وما لم يتم التعامل بذكاء وحذر في هذه المرحلة فان الامور سوف تتجه الى بخط بياني نحو الكارثة. وقد اطلقت على هذه المرحلة تسميات اخرى من ابرزها، مرحلة الانذار المبكر او مرحلة اكتشاف اشارات الخطر, وهي بهذا المعنى اولى خطوات ادارة الازمة تليها مجموعة اساليب وقائية وسيناريوهات معينة تتابع احداث الازمة وتحدد لكل فرد في فريق الازمة، دوره بمنتهى الوضوح. وتهيئ وسائل عمل تحد من الاضرار وتمنعها من الانتشار.

والى هنا نكون قد وصلنا الى المرحلة التالية من مراحل ادارة الازمة الا وهي مرحلة استعادة النشاط وتشتمل على اعداد وتنفيذ برامج قصيرة وطويلة الاجل سبق وان تم اختبارها بنجاح على ازمات مشابهة وعادة ما تكتنف هذه المرحلة، روح الحماس تقود الى تماسك الجماعة وتكاتفها،في مواجهة الخطر.

اساليب حل الازمات والتعامل معها

هناك نوعان من اساليب حل الازمات الاول معروف متداول،ويصطلح عليه بالطرق التقليدية،والثاني عبارة عن طرق لاتزال في معظمها،قيد التجريب ويصطلح عليها بالطرق غير التقليدية:

اولا:الطرق التقليدية:

واهم هذه الطرق:

1. انكار الازمة: 

حيث تتم ممارسة تعتيم اعلامي على الازمة وانكار حدوثها, واظهار صلابة الموقف وان الاحوال على احسن ما يرام وذلك لتدمير الازمة والسيطرة عليها. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الانظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود اي خلل في كيانها الاداري.

وافضل مثال لها انكار التعرض للوباء اواي مرض صحي وما الى ذلك. 

2. كبت الازمة:

وتعني تأجيل ظهور الازمة , وهونوع من التعامل المباشر مع الازمة بقصد تدميرها.

3. اخماد الازمة:

وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع قوى التيار الازموي بغض النظر عن المشاعر والقيم الانسانية. 

4. بخس الازمة: 

اي التقليل من شأن الازمة ( من تأثيرها ونتائجها ). وهنا يتم الاعتراف بوجود الازمة ولكن باعتبارها ازمة غير هامة. 

5. تنفيس الازمة: 

وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ المدير الى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار.

6. تفريغ الازمة:

وحسب هذه الطريقة يتم ايجاد مسارات بديلة ومتعددة امام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة لتيارالازمة ليتحول الى مسارات عديدة وبديلة تستوعب جهده وتقلل من خطورته.

ويكون التفريغ على ثلاث مراحل: 

أ. مرحلة الصدام: او مرحلة المواجهة العنيفة مع القوى الدافعة اللازمة لمعرفة مدى قوة الازمة ومدى تماسك القوى التي انشأتها.

ب. مرحلة وضع البدائل: وهنا يقوم المدير بوضع مجموعة من الاهداف البديلة لكل اتجاه او فرقة انبثقت عن الصدام. وهذه العملية تشبه الى حد ما لعبة البليارد.

ج. مرحلة التفاوض مع اصحاب كل فرع او بديل:

اي مرحلة استقطاب وامتصاص وتكييف اصحاب كل بديل عن طريق التفاوض مع اصحاب كل فرع من خلال رؤية علمية شاملة مبنية على عدة تساؤلات مثل ماذا تريد من اصحاب الفرع الاخر وما الذي يمكن تقديمه للحصول على ما تريد وما هي الضغوط التي يجب ممارستها لاجبارهم على قبول التفاوض ؟،،

8- عزل قوى الازمة:

يقوم مدير الازمات برصد وتحديد القوى الصانعة للازمة وعزلها عن مسار الازمة وعن مؤيديها وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها او القضاء عليها.

ثانيا: الطرق غير التقليدية: 

وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته واهم هذه الطرق ما يلي،:-

1- طريقة فرق العمل:

وهي من اكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الامر وجود اكثر من خبير ومتخصص في مجالات مختلفة حتى يتم حساب كل عامل من العوامل و تحديد التصرف المطلوب مع كل عامل.

وهذه الطرق اما ان تكون مؤقتة او تكون طرق عمل دائمة من الكوادر المتخصصة التي يتم تشكيلها،وتهيئتها لمواجهة الازمات واوقات الطواريء،.

2- طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الازمات:

حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الازمات فيتم تكوين احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه اذا حصلت الازمة. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في المنظمات الصناعية عند حدوث ازمة في المواد الخام او نقص في السيولة.

3- طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الازمات:

وهي اكثر الطرق تاثيرا وتستخدم عندما تتعلق الازمة بالافراد او يكون محورها عنصر بشري.وتعني هذه الطريقة الافصاح عن الازمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي.

4- طريقة الاحتواء: اي محاصرة الازمة في نطاق ضيق ومحدود ومن الامثلة على ذلك الازمات العمالية حيث يتم استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك الازمات،.

5- طرية تصعيد الازمة:

وتستخدم عندما تكون الازمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الازمة فيعمد المتعامل مع الموقف، الى تصعيد الازمة لفك هذا التكتل و تقليل ضغط الازمة.

6- طريقة تفريغ الازمة من مضمونها:

وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل ازمة مضمون معين قد يكون سياسيا اواجتماعيا او دينيا او اقتصاديا او ثقافيا او اداريا وغيرها،ومهمة المدير هي افقاد الازمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الازموية ومن طرقها الشائعة هي: 

أ- التحالفات المؤقتة 

ب- الاعتراف الجزئي بالازمة ثم انكارها.

ج- تزعم الضغط الازموي ثم توجيهه بعيدا عن الهدف الاصلي.

7-طريقة تفتيت الازمات:

وهي الافضل اذا كانت الازمات شديدة وخطرة وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع جوانب الازمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات الازمة وتحديد اطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة لاعضاء هذه التحالفات ومن ثم ضربها من خلال ايجاد زعامات مفتعلة وايجاد مكاسب لهذه الاتجاهات متعارضة مع استمرار التحالفات الازموية. وهكذا تتحول الازمة الكبرى الى ازمات صغيرة مفتتة.

8- طريقة تدمير الازمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل:

وهي من اصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع الازمات ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة ) او الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات وهذا مكمن خطورتها وتستخدم في حالة التيقن من عدم وجود البديل ويتم التعامل مع هذه الازمة على النحو التالي:

أ- ضرب الازمة بشدة من جوانبها الضعيفة.

ب- استقطاب بعض عناصر التحريك والدفع للازمة 

ج- تصفية العناصر القائدة للازمة 

د- ايجاد قادة جدد اكثر تفهما 

9- طريقة الوفرة الوهمية: 

وهي تستخدم الاسلوب النفسي للتغطية على الازمة كما في حالات،فقدان المواد التموينية حيث يراعي متخذ القرار توفر هذه المواد للسيطرة على الازمة ولو مؤقتا.

10- احتواء وتحويل مسار الازمة:

وتستخدم مع الازمات بالغة العنف والتي لا يمكن وقف تصاعدها وهنا يتم تحويل الازمة الى مسارات بديلة ويتم احتواء الازمة عن طريق استيعاب نتائجها والرضوخ لها والاعتراف باسبابها ثم التغلب عليها ومعالجة افرازاتها ونتائجها، بالشكل الذي يؤدي الى التقليل من اخطارها. 

اما اذا كانت الازمة ناتجة عن مسبب خارجي فيمكن عندئذ استخدام الاساليب التالية:

أ- اسلوب الخيارات الضاغطة. مثل التشدد وعدم الاذعان والتهديد المباشر.

ب- الخيارات التوفيقية: حيث يقوم احد الاطراف بابداء الرغبة في تخفيف الازمة ومحاولة ايجاد تسوية عادلة للاطراف. 

ج- الخيارات التنسيقية: اي استخدام كلا الاسلوبين الاخيرين،اي التفاوض مع استخدام القوة.

ختاما فان ما قدمناه يمكن ان يصلح دليلا يسلط الضوء الى حد ما على مفاصل الازمة بخاصة الادارية او السياسية منها , الامر الذي يؤدي اذا ما تم التعاطي مع ابرز مفرداته ايجابيا من قبل صناع القرار الى وضع تصور اولي لحل الازمات التي تواجه الطاقم السياسي بين الحين والحين الاخر , سيما وان سلسلة الازمات في البلاد يبدو انها مرشحة للاتساع من حيث المدى والنوع مع الاخذ بنظر الاعتبار، ملفات لم تزل تنتظر الحسم السياسي وأخرى في طور التشكل او الاستفحال.

lundi 10 mai 2021

صناعة الاستهتار وخرافة اولوية الازمة الصحية

 


على الرغم من خطورة الموجة الثالثة وتزايد عدد الضحايا من موتى ومصابين إلا أننا نسجل استهتار بخطورة الوضع... هذا الاستهتار صنعته كل القوى الفاعلة في  

 الموجة الاولى والتي انسحبت 

كليا عن المشهد في الموجهة الثالثة:

اين البلديات التي كانت تراقب الأسواق وتنظم المواطنين وتعمق في الشوارع وفي المؤسسات والإدارات العمومية...؟

اين مكونات المجتمع المدني الذي سجل حضوره بقوة في الأسواق وأمام المؤسسات والإدارات لفرض الانضباط والجدية والمساهمة في عمليات التعقيم وجمع التبرعات وتقديم المساعدات للعائلات المتضررة...؟

اين الأحزاب السياسية سواء أكانت في الحكم او المعارضة والتي لعبت في الموجة الأولى دورا هاما؟؟؟

الكل انسحب وخلق أجواء الاستهتار بل ويطالبون المواطن والانضباط واحترام البروتوكول الصحي  

الاستهتار الذي نعيشه اليوم هو نتيجة حتمية لكل تلك الانتخابات

Sami Nasr sociologue 

التطبيع مع المرفوض بين الوهم والحقيقة

  التطبيع مع المرفوض مقولة وهمية لا يمكن للشعوب التطبيع مع ما ترفضه مهما كانت قوة المرفوض ومهما كانت درجة ضعف الرافض... كثيرا ما يفسر السكوت...