الحلول المقترحة واعادة انتاج الازمة:
تقييم الحلول المقترحة من وجهة نظر سوسيولوجية
مع الأسف يبدو من خلال مضمون العديد من النقاشات حول مقترحات وإمكانيات الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد ان تسير في اتجاه إعادة الازمة وليس في اتجاه حلها وتجاوزها.
فجوهر الأزمة الحقيقية التي نعيشها وبالرجوع إلى البعض من المقاربات السوسيولوجية يمكن فهم ما حدث ويحدث وتقييمه سوسيولوجيا، وفي هذا الإطار يمكن التوقف على المقاربة الدوركايمية أو توجهات وكتابات ميشال كروزيه.
فعملية اختزال أزمة البلاد في المجال القانوني والدستوري هو انحراف عن المسار الصحيح، وتحويل وجهة الإنقاذ ونفس هذا المسار وقع مع اعتصام القصبة عندما تم تحويل وجهة مطالب المعتصمين إلى مطلب بعث المجلس التأسيس... فمثلا بالرجوع إلى مقولة دوركايم المشهورة "نحن لا نستنكر عملا لأنه جرمي، وإنما هو جرمي لأننا نستنكره"، فلا قيمة لأي إصلاح قانوني او دستوري اذا لم يسبقه استنكار مجتمعي للنصوص الموجودة.
فالأزمة الحقيقية التي تعاني منها البلاد هي ليست أزمة قانونية او دستورية بقدر ما هي اولا، أزمة هيمنة مطلقة لكل ما هو موازي، أو الدولة العميقة او ما يعبر عنها ميشال كروزيه باللاشكلي حتى أصبحنا نتحدث عن هيمنة:
التجارة الموازية
والادارة الموازية
و المسؤول الموازي
والوزير الموازي
والحكومة الموازية
والامن الموازي
والقضاء الموازي
والاعلام الموازي
والناطق الرسمي الموازي
ومجلس نواب موازي
واحزاب وقيادات حزبية موازية...
هذآ الكم الهائل من الموازي هو الذي دمر البلاد.
فما تحتاجه البلاد ليس مجرد إصلاحات قانونية او دستورية بل خلق آلية تحررنا من هذا الموازي او على الأقل تضع حد له.
وثانيا، تدمير معنويات الشعب التونسي بطريقة ممنهجة او نتاج لأخطاء اتصالية وخلق ثقافات وعقليات مدمرة مثل:
ثقافة اليأس والاحباط
ثقافة التشكيك في كل شيء
ثقافة الشيطنة والشيطنة المضادة
الثقافة العنفية،
ثقافة وعقلية الإدمان على التخميرة او بلغة دوركايم حالة الانومي....
من ي يد إصلاح البلاد وانقاذها عليه أن يفكر في آليات تحريرها من هذا الموازي وتحرير المواطن من هذه الثقافات والعقليات المدمرة.
sami nasr sociologue