كيف تولد ظاهرة
التمرّد وكيف يتم تجاوزها
بقلم: د.
سامي نصر
باحث في علم
الاجتماع
لم يعد التمرّد بمختلف أشكاله
مجرّد سلوك فردي منعزل، أو مجرّد سلوك ظرفي... بل تحوّل في الفترة الأخيرة إلى
ظاهرة اجتماعية هذا إن لم نقل عقلية وثقافة، فكل شيء قابل للتمرّد عليه وكل فرد
يمارسه تمرّده حسب امكانياته وحسب ما هو متاح له، ومن بين أشكال التمرّد نذكر:
Ø
تمرّد على العائلة،
Ø
تمرّد على المؤسسات التعليمية،
Ø
تمرّد في الشغل،
Ø
تمرّد على منظومة القيم،
Ø
تمرّد على السلط الجهويّة والمحلّية،
Ø
تمرّد على الدولة وقراراتها، ولعل أبرزها تمرّد على
البروتوكول الصحي وعلى قرارات الحجر الصحي الشامل أو الموجه...
ظاهرة خطيرة يستوجب التوقف
عليها، إذ لا نبالغ في القول بأن كل طرف بإمكانه الوصول للحكم ولكن لا طرف قادرا
على ترويض الشعب التونسي وحكمه، ويبدو أننا لم نعد نعاني فقط من أزمة الحاكم بل
وأيضا أزمة محكوم.
ومن بين الكتب
التي تناولت هذه الظاهرة نجد كتاب ستيوارت
أيزنستات وعنوانه "إعادة بناء الدول
الضعيفة" "
Rebuilding Weak States " الصادر في عام 2005 ، حيث
يقول إن التمرد ينمو بسبب وجود ثغرات في
عمل الحكومة وهي:
- الأمن، فعلى الدولة توفير الأمن لمواطنيها وحماية حدودها من اختراق
المجموعات المسلحة، وإذا لم تنجح الدولة في ذلك فستستغل الجماعات المتمردة
ذلك وتستخدم العنف ضد المواطنين، كما حصل في كل من هايتي في عام 2004، نيبال
في عام 1996، الصومال في عام 1988.
- قدرة الدولة على توفير احتياجات المواطنين،
يجب أن تؤمن الدولة للمواطنين احتياجات البقاء على قيد الحياة من مياه، طاقة
كهربائية، المواد الغذائية، الأدوية، التعليم، الاتصالات، نظام اقتصادي يعتمد
على كل فئات المجتمع ويستثمر كل الموارد، وفشل الدولة في تأمين هذه المتطلبات
يخلق لديها فجوة يمكن أن تؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين بها، بالتالي تفتح
الباب أمام التمرد على الحكومة كما حصل في كل من أفغانستان في عام 2015،
جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1996، على سبيل المثال.
- الشرعية، سد فجوة الشرعية هي أكثر من مجرد ديمقراطية وانتخابات، بل هي
قبول المحكومين بوجود الحكومة في السلطة وقبولهم بقراراتها، لكن إذا كانت
الحكومة تعاني من تفشي الفساد، وخلل في النظام القضائي، واختراق حقوق
الإنسان، فهذه الأسباب تجعل الناس يتمردون على الحكومة.
فإذا تمكنت الحكومة من سد هذه الثغرات فلن
يكون للتمرد أي مبرر، وتفقد الجماعات المتمردة البيئة الشعبية الحاضنة، بالتالي
يصبح أمامها خيارين إما التخلي عن تمردها أو الدخول في صدام مع الحكومة وستكون هي
غالباً الخاسرة فيه. كلام أيزنستات.